مساحة إعلانية
اشتعل الصراع بين طهران وتل أبيب، وسط ضبابية للمشهد ، و حالة من عدم التيقن للخطوات التالية في هذه الحرب، لكن ما يثير القلق حقاً هو السقف غير الواضح لكلا الطرفين الذين دخلوا لبعضهم البعض معركة تكسير عظام، وذلك بجانب تهور الرئيس ترامب الذي يمتلك القدرة على وضع حد لهذا التصعيد المرعب.
ويريد ترامب وضع حداً للبرنامج النووي الإيراني، و قد أكد بشكل واضح أنه لن يسمح لإيران من إمتلاك سلاح نووي مهما تكلف الأمر، مما يشير إلى أنه لن ينهي هذه الحرب الإ في حالتين، إما تدمير قدرات إيران النووية وتعطيل برنامجها النووي لعشرات السنوات ، أو العودة إلى طاولة المفاوضات، وإبرام إتفاق شامل مع طهران.
لكن بالنظر إلى خطوات كل من تل أبيب التي بدأت هذه الحرب، و طهران التي تلقت الضربة الأولى في هذه المعركة، لكنها سرعان ما تداركتها، و انطلقت في تسديد ضربات موجعة للكيان، نرى إلى أن كلا الطرفان يميل إلى سيناريو إستمرار الحرب حتى الآن.
وبالرغم من أن خسائر طهران في هذا الصراع أضخم و أكبر، سواء من فقدانها لقدرتها في الدفاع الجوي منذ الضربة الأولى، بجانب الضربات التي طالت بعض النقاط الحساسة في برنامجها النووي، و خصوصاً في طهران و نطنز، بجانب إغتيال عدد كبير من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين .
وعلى الجانب الآخر تلقت إسرائيل ضربات موجعة طالت مراكز استخباراتية تابع للموساد في هرتسليا، بجانب إستهداف مصفاة حيفا النفطية، بجانب إستهداف مراكز حساسة تابعة لجيش الإحتلال، مطار بن غوريون، بعض المستوطنات الإسرائيلية.
لكن مازال هناك رغبة متبادلة لدى تل أبيب وطهران بالتصعيد العسكري المتبادل، هذا التصعيد لم يحقق عنصر الحسم حتى الآن، ولكن إذا لجأ أحد الطرفين للإختيار النووي، فإن الأوضاع ستنزلق لمنحني خطير، لا عودة فيه و لا نجاة.
وإذا قررت إسرائيل المبادرة و تسديد هذه الضربة النووية، لن تقدم عليها منفردة، و ستقام بدعم أمريكي وربما أوروبي، وستكون ذلك بمثابة النهاية لإيران بشكلها و نظامها الحالي.
وبالرغم من أن الخناق أكثر ضيقاً على طهران ، حيث قدراتها العسكرية من مسيرات و صواريخ بالستية محدودة ، مقابل دعم غير محدود للكيان من الأسلحة الأمريكية و الأوروبية، إلا أنها مازالت حتى الآن لديها اختيارات نووية و إذا ما لجأت إليها ستغير مجريات الأحداث كلياً.
وهناك سيناريو آخر، يتمثل خفض التصعيد و الذهاب للتفاوض ، و لكن يتوجب على إيران تحقيق ضربات أكثر ألماً للكيان ، وفي هذه الحالة سيرضخ جميع الأطراف للتفاوض، و سيكون ذلك بمثابة إنتصارا كبيرا لإيران بنظامها الحالي، حيث ستضمن لنفسها مكاناً ومكانة لا يستهان بها خلال الفترة الراهنة والمقبلة على مدى ليس بقصير.
لكن ما يثير القلق حقاً، هو عدم الوصول إلى درجة اليقين في الخطوات القادمة ، حيث أن كل السيناريوهات مطروحة، وكل درجات التصعيد واردة، ولا إختيار أكيد في ظل تهور سيد البيت الأبيض و غروره المستمر.
وذلك بجانب أن كل المؤشرات، تدور في فلك أن العالم على شفا صراع و صدام عالمي، و كل القوى الدولية أصبحت متيقنة من ذلك، لكن جميعهم يريد أن تشتعل كرة النار بعيداً عن بلادهم، ووضع الجميع أنطاره لتكون منطقة الشرق الأوسط ساحة لهذا الصراع، إلا أن نحن أيضاً نريد أبعاد نيران هذا الصدام عن أراضينا و منطقتنا.