مساحة إعلانية
يخبئ حلمه بين أضلعه..كل يوم ينمو داخله، تزداد امكانية تحقيقه بعدا، يسكن أحشاءه صهد، تتعالى رائحة الشواء، يلتهم أحزانه صامتا، آنات أطفاله الجوعى ..دموع زوجه المتسربلة حزنا تطرده إلي الشارع، لعله يجد وسيلة لاخراس الأنات وتجفيف الدموع، تتلقفه الشوارع والأزقة تسلمه إلي بعضها البعض..تترنح أقدامه..يكاد أن يصاب بالملل،ينظر حوله يتأمل وجوه المارة ، لا أحد يعيره اهتماما ، الكل ينطلق كالبرق من حوله، الكل لايعرف الكل ،الكل مشغول بنفسه ، الكل لا يهتم بالكل .
أجساد تغدو وتروح ،أجساد تتداخل وتتشابك وأخرى تتنافر، بقع من ظل تختفي وتظهر تتراقص أسفل قرص شمس شاحب مصفر ، يضن عليهم ببعض من دفئه .
جذبته واجهات العرض واشباه نساء عاجية عارية داخلها، وبعض من الملابس الصغير التي لاتستر إلا ما يجب ستره،.
أصابه الدوارعندما دقق النظرفي الأرقام النائمة في أحضان قصاصات الورقة الصغيرة، رقم واحد منها يكفيه واسرته شهرا كاملا.
قلب ناظريه أرتدا إلي أجساد من لحم ودم ، اخدته الشفاه المتفجرة بالدماء وخدود هي مشاتل ورد بلدى ،وتللك الجبال الشامخات حلمن أن يمزقن قيدهن ويتحررن ، منى نفسه بتسلقهن . .الروائح المنبعثة من كل -الأرجاء كادت تصيب جيوبه الأنفية.
لم تتعود أنفه علي هذا الطيب، فهو لايشتم سوى رائحة التراب او رائحة ملابسة زوجته البالية إذا ما استحمت كل جمعة عندما يحضر هو جردل الماء علي كتفيه من أول الشارع ، كل صباح يتشاجر مع جيرانه التعساء في سباقهم المحموم لقضاء حاجتهم.
تسأل : عيون زوجته الذابلة، التي لم تر الشمس لأسابيع كتلك البحور المتلاطمة أمواجها مابين الحسن والسحر ؟ ، او جلدها المتهدل وتلك الأخاديد علي وجنتيها والتي حفرتها أنهار دموع الجوع والعطش والحرمان ! ، أزعجه ما رأى .
أسلمته أقدامه إلي المقابر تخطي الحياة عائدا خائبا مدحورا..
جلس أمام أول بوابة حديدية مرشوقة في بناية من الرخام الفاخر، تساقطت عليه العملات المعدنية من كل اتجاه ، كان له حظ وأفر من الخبز والكعك والفواكه حمل ما يستطع حلمه ، هدأت النار بداخله قليلا ، استقبلته زوجته وأطفاله استقبال الفاتحين أغدق مما فاض علي جيرانه البؤساء،قضى يوما إستثنائيا ، تمدد بعدعناء يوم شاق ، غفي الحلم داخله خجلا ، -ألقي به علي أول بوابة قابلته، عرف الطريق جيدا، تغذي علي رائحة الموت ،بنى أجسادصغاره من أجساد في طريقها للتحلل والفناء،تلاشت المسافات بين الموت والحياة ، إمتزجت كل الألوان ، النحيب والنواح يطربه ،يرقص قلبه فرحا على نغمات المعددين ، تنتفخ جيوبه كلما تزاحم المعزون ، تعلم أن يتمتم حروفا تشابكت كلهاوتاهت مخارجها، أدمن سقوط دمعتين كاذبتين والمسح علي وجه بخشوع زائف صار يكني الشيخ
قصة قصيرة من مجموعة بوح الروح