مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

قضايانا

إيمان بدر تكتب :ماذا بعد ثورة المارد الإفريقى؟

2023-09-05 21:34:44 - 
إيمان بدر تكتب :ماذا بعد ثورة المارد الإفريقى؟
صورة ارشيفية من انقلاب الجابون
منبر

هل تستعيد الأميرة السمراء ثرواتها أم تتكرر مأساة الخريف العربى؟


❐ روسيا تدعم ثورات التحرر من حكم عملاء فرنسا من أجل استعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي


❐ هل تتحرر هذه الدول من حكم عملاء الإليزيه ليجلس مكانهم مندوبي الكريملين


يجمع الخبراء علي أن ما يحدث في الجابون ماهو إلا امتداد لما حدث مؤخراً في النيجر وقبلها مالي وبوركينا فاسو، وكلها انقلابات ترتبط بالاستعمار الفرنسي الذي تحررت منه هذه الدول في ستينات القرن الماضي ولكن القوي الاستعمارية مازالت تستنزف ثروات تلك الدول الغنية بالنفط والغاز الطبيعي والذهب والمعادن بل وتمنعها من استخراج هذه الكنوز ليستفيد بها الشعب الفقير الذي يموت جوعاً وتفتك الأوبئة بجسده النحيل.
ومن أجل استمرار السيطرة علي مقدرات الدول الإفريقية رغم خروج الجيوش الفرنسية منها احتفظت بلد الحرية المزعومة بقواعد عسكرية داخل أفريقيا لسنوات طويلة ولكنها فيما بعد أدركت أن المحاصرة السياسية والاقتصادية هي أخطر أنواع الهيمنة، فوضعت علي راس السلطة في كل دولة أفريقية حاكم بدرجة مندوب لقصر الاليزيه أو ذراع رئاسية للاحتلال الفرنسي، تماماً كما كانت أمريكا وبريطانيا تريدان لمصر حين دعمت حكم جماعة الإخوان الإرهابية صنيعة الاحتلال البريطاني.
وفيما يتعلق بهؤلاء الحكام الأفارقة الذين تنقلب عليهم الشعوب حالياً فهناك أكثر من قاسم مشترك يجمع بينهم جميعاً في مقدمتها طول فترة الحكم لعقود وصلت في بعض الحالات إلي أربعين عاماً، بالإضافة إلي شبهات الفساد وامتلاك كل منهم عقارات وثروات ضخمة خارج البلاد المعدمة وتحديداً في فرنسا، وكأنما يعد كل منهم العدة ليوم سيرحل فيه تاركاً وراءه شعب يتضور جوعاً ودولا تنهار إقتصاديا تمزقها الصراعات العرقية والحروب الأهلية وتقتل أهلها الأوبئة الفتاكة.
أما الميزة المشتركة لغالبية إن لم يكن جميع هذه الدول فهي الثراء الغير مستغل والثروات المدفونة تحت الأرض البكر، ولأن رائحة النفط والمعادن دائماً ما يسيل لها لعاب الأباطرة لم تكن مصادفة أن تسعي روسيا والصين للتقرب إلي قطط الخليج السمان ولمنافسة أمريكا في احتواء هذه القطط التي باتت متمردة واعية لخطورة ما يحاك حولها، يحكمها شباب درسوا في أعرق جامعات واكاديميات العلوم الاستراتيجية في قلب بريطانيا وامريكا ومن ثم باتت ممالك الخليج عصية علي الانطواء داخل العباءة الأمريكية أو الروسية أو الصينية، وأصبحت أكثر اعتزازا بعباءتها التي يرتديها بل ويسعي إليها نجوم العالم في ظل دول تتعامل مع الجميع بندية وتعلي شعار المصلحة المتبادلة والقوي المتوازنة.
ومن أجل فكرة توازن القوي التي دائماً ما تفرض نفسها في مثل هذه الظروف امتدت ايادي القيصر الروسي فلاديمير بوتين إلي أفريقيا في الوقت الذي يسعي فيه رجل المخابرات الثعلب إلي استعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي، ليس فقط علي خلفية الحرب علي أوكرانيا من ناحية والتقارب مع الصين من ناحية أخرى، ولأنها روسيا التي دعمت التجربة الناصرية في مصر وبدورها دعمت مصر الناصرية حركات التحرر في أفريقيا إبان الخمسينات والستينيات، ولم تكتفي موسكو بأزمتها التاريخية مع واشنطن وحلف الناتو وأوروبا الغربية،  ولكن هناك تصادم مباشر حالياً بين القيصر الروسي ونابليون فرنسا الجديد ايمانويل ماكرون الذي يحلم هو الآخر باستعادة أمجاد الجمهورية الفرنسية وبدأ عهده بتغيير اسم وزارة الدفاع لتصبح وزارة الجيوش تيمناً بجيوش بونابرت التي غزت العالم.
وعلي خلفية ذلك يتوقع الخبراء أن ما يحدث في افريقيا يعد حربا بالوكالة بين روسيا وفرنسا، علي غرار ما حدث من قبل في سوريا من مواجهات بين قوي الخوميني الشيعية المدعومة من روسيا والداعمة لنظام بشار الأسد من ناحية وقوي الإسلام السياسي السنية المدعومة من الخلايجة والأمريكان من ناحية أخرى، ودفعت الدولة السورية وشعبها ثمن هذه الصراعات علي كعكة ثرواتها لسنوات طويلة من الفوضي والخراب تكررت في ليبيا واليمن وقبلها العراق، وقبل الجميع كانت أفغانستان ساحة الحرب بين أمريكا والاتحاد السوفيتي التي أفرزت جماعات إرهابية مجرمة وإرهاب أسود عاني منه العالم العربي حتي تحول ربيع ثوراته إلي شتاء قارس وقاتل، بحسب تعبير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه حين قال منتقداً مخططات أمريكا وأوروبا الغربية الداعمة للتنظيمات المتطرفة وصانعة الفتن والصراعات ( لقد حولتم الربيع العربي إلي شتاء مدمر) ليبقي السؤال هو هل سيظل بوتين علي عهده يدعم حركات التحرر دون مقابل أم أنه يتطلع إلي نيل نصيبه من كعكة ثروات قادرة علي تعويض بلاده عن خسائر الحرب والحصار، وإذا كان غالبية قادة الانقلابات الأفارقة قد تلقوا تدريبهم في روسيا فهل تنتظر تلك الدول التحرر من حكم عملاء فرنسا ليجلس مكانهم مندوبي الكرملين.

مساحة إعلانية