مساحة إعلانية
خيم الليل بظلامه ولازالت تائهة ،لا تعى أى طريق ذاك الذى سلكته قدماها،قبل ساعات من الان كانت الشمس هى دليلها الوحيد ،اتبعت اشارات الطرق المثبته على الحواف ،ولكن بغروبها تغيرت التضاريس ،بحلول الظلام ضلت طريقها ،ربما سلكت اخر دون ان تدرى ،أو ربما طريق الليل يختلف.
رأت أضواء مبهرة تبدو على بعد ،دبيب الأمل داخلها خلق لها قوة من حيث لا تدرى بعدما خارت قواها ،سارعت خطواتها ،وكلما اقتربت الأضواء ذادت قوتها ،الباب الخارجي غريب ،لونه اسود قاتم تتوسطة جمجمة يشقها خنجران مكونان علامة X،صوت ضجيج صاخب يصدر من الداخل ،ولكنه الأمل الوحيد لعودتها للحياة بعد مشقة السفر المكلل بالمتاهات ،زجت الباب الذى فتح بسهولة دون جهد ،لتسطع الأضواء بشكل أعمى عينيها لثوان قليلة حتى اعتادت عليه ،صوت الموسيقى الصاخبة من نوع الراب روك المستخدم غالبا فى اماكن الديسكو والتى لم تراها الا عبر شاشات التلفاز،كمية البشر الموجودة بالداخل كبيرة تشعر انهم ملتصقون من كثرتهم، حاولت المرور من بينهم رغم مناظرهم المقززة ،وملابسهم العارية الا من قليل لا يذكر ،شيء ما يجذبها الى الداخل رغما عنها وكأنها على موعد مع احدهم ،تخبطت كثيرا بين الراقصين والراقصات ،تدور عيناها فى كل اتجاه بحث عن شىء ما ،ربتت يد خفيفة على كتفها اليمنى مما أثار فزعها الشديد لتلتفت خلفها، فتجده هو، لا تفصل بينهما سوى مسافه لا تتعدى الخمسة سم ،ارتمت فى احضانه دون اى تفكير ،همس فى اذنها تفاديا لصخب الموسيقى
_ ما الذى جاء بك هنا؟
_ ضللت طريقى وجن ليلي وسط المتاهة .
أشار عليها بالخروج من هنا فورا ،خيرته بين المرور المرير وسط هؤلاء او الخروج على طريقتها ،أومأ براسه مع ابتسامة ساحرة مختارا طريقتها ،سألته وعدا منه ان لا يؤول الأمور خطأ ،فليست كل الطرق تؤدى الى روما .علت ضحكة منه أنارت وجهه غير انها لم تسمعها من الضجيج،اقتربت منه حتى اصبحت المسافة التى تفصلهما صفر،وأغمضت عينيها ،وصرخت بأعلى صوت تملكه (اكسبلوووووور). تبدل المكان فى اقل من ڤنتوثانية ليقفا متلاصقين على الصخرة التى طالما شهدت على حبهما بكل احواله وسط البحر. لم يستطع مقاومة تقبيلها قبلة طويلة عادلت قبلة الحياة لمن شارف عن مفارقتها ،وسرعان ما استفاقت من غيبوبتها التى أججت نيرانها ،وايقظت داخلها تلك الأنثى المفقودة من زمن بعيد ،الشاطىء مظلم تماما ،السماء تفتقد القمر الذى سجنه طور المحاق ،قفزت من بين يديه محاولة الهروب بلطف مما هو ات لا محالة ،جرت على الشاطىء المظلم وصرخت بأعلى صوتها ناظرة الى السماء "بولاريس"،"كاستور"،"اوريون"،"بولكس" موجة ناظريها الى اتجاهات السماء الأربعة ومع كل اسم ذكرته ظهر نجم عملاق مضيء،فأصبح الشاطىء شعلة من النور. هرولا على الشاطىء متسابقين كطفلين لم يتعديا الثانية عشر من عمرهما ،هاج البحر فرح بهما وتلألأت نجومها السابقة الذكر ليصنعن لهما لحظات يستحقانها بجدارة بعد هجر طال بينهما بسبب الغيرة المدمرة،ولكنه لحقها بقصد ،لم يعد يحتمل البعاد حتى ولو لعبا،انهكها الفرار منه اليه ،فاستسلمت طواعية ،وأيقنت أن كل الطرق تؤدى الى روما.