مساحة إعلانية
الخليفة الأموي الذي تولى بعد عمر بن عبد العزيز مباشرةً هو ( يزيد بن عبد الملك بن مروان !!! )، كنيتُه : أبو خالد ، وجده لأمه يزيد بن معاوية (! )
عاش أربعا وثلاثين سنة ، وولي الحكم أربع سنوات وشهرا ، وكان أبيض جسيما متلفا المال أعطى حلاقا حلق له رأسه أربعة آلاف درهم قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم لما استُخلف قال لمرؤوسيه : سيروا سيرة عمر بن عبد العزيز !!
فخافوا من إصراره على استمرار سياسة عمر بن عبد العزيز ....
[ فأتوه بأربعين شيخا !! شهدوا له أن الخلفاء لا حساب عليهم ولا عذاب !!!! ]
فأقبل على الظلم
وإتلاف المال
والشرب
والانهماك في سماع الغناء
والخلوة بالقيان !!
ومات في إربد (من بلاد الأردن) أو الجولان، بعد موت جارية له اسمها " حبابة " بأيام يسيرة، وحُمل على أعناق الرجال إلى دمشق، فدفن فيها. وكان لحبابة، هذه، أثر في أحكام التولية والعزل، على عهده !!.
ونقل الديار بكرى (في تاريخ الخميس) أنه: " مات عشقا !! " قال: " ولا يُعلَم خليفةٌ مات عشقا غيره " !!
وحبابة تلك الفاتنة قال عنها المؤرخون إنها كانت صبيحة الوجه، مليحة النادرة، لطيفة المحاضرة، خفيفة الروح، غردة الصوت، شجية الغناء، ضاربة بالعود أخذت فنون الغناء عن مشاهير المغنين السابقين لها : ابن سريج وابن محرز ، ومالك ، وكان الخليفة أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك بن مروان مُغرَمًا بالنساء ! شديد الكَلَف بهنَّ ، فهام بها ، أشدَّ من هيام قيس بليلى، فتهتَّك ، وانقطع إليها ليله ونهاره ، تاركا بين أيديها زمامَ دينه ودنياه، فكانت تعزل مَنْ تشاء وتُوَلِّي من تشاء ، وتحول بينه وبين الصوم والصلاة ، حتى اشتهر أمره وساء ذكره، قيل: إنه نزل معها يوما ببيت راس (وهي قرية من قرى الشام) . فقال: زعم السلف أن " الدهر لا يصفو لأحدٍ يوما كاملا "، وسأثبت خطأ كلامهم ، ثم قال لغلامه: ويحك، لا تُمَكِّنْ أحدا من الوقوف ببابي، ولا تدع إنسانا يخرق حجابي. ثم خلا بحبابة وما برح معها في لهو وطرب، وهزل ولعب، حتى استقام قسطاس النهار فدعا بطبق رُمَّانٍ أخذا يأكلان منه معًا ، فشَرِقَتْ حبابة بحبة منه ذهبتْ بروحها إلى عالم العدم، فصاح يزيد صيحة الألم وطارت نفسه بأثرها شعاعا وطفق يعضُّ أنامله جزعًا والتياعًا، وما فتئ يُقَبِّلُها وهي ميتة عدة أيام حتى تغيرت رائحتها وأدركها الفساد فأودعوها الثرى برغم أنفه ، فظل منكفئا يبكي ويعضُّ يديه ، حتى نزلت به منيته بعد أسبوعين وهو معانقٌ ضريحها فدُفِنَ حذاءها وكأنه يقول :
أموت على إثر الحبيبة ظاعنًا ... ليجتمع الرُّوحَانِ في عالم الخُلْدِ !!
وكان ذلك في سنة 105 للهجرة. ومن شعره فيها :
أَبْلِغْ حَبَابة أسقى رَبْعَها المطرُ ....................ما للفؤاد سوى ذكراكمُ وَطَرُ !!
ومن شعرها له :
إذا أنتَ لم تعشقْ ولم تدرِ ما الهوى ... فكُنْ حَجَرًا من يابس الصخر جَلْمَدا
فما العيشُ إلا ما تَلَذُّ وتشتهي ........................وإنْ لامَ فيه ذو الشَّنَانِ وفَنَّدَا
***
ذو الشنان = ذو الشنآن : المبغض الكاره
المراجع
:
" العبر في خبر من غبر" للإمام المؤرخ شمس الدين الذهبي 1/129/
" شذرات الذهب في أخبار من ذهب " لعبد الحي الحنبلي (1/128)
" مرآة الجنان وعبرة اليقظان " لليافعي 1/224
" الدر المنثور في طبقات ربات الخدور للعاملي