مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب: الاستفهام بـ (ما) و بـ (ماذا) ليس واحداً

2025-06-14 05:42:34 - 
الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب: الاستفهام بـ (ما) و بـ (ماذا) ليس واحداً
الشاعر الدكتور مصطفي رجب

    إذا قلت لشخص مستفهماً : ( ما بك يا فلان؟ ) أو قلت : ( ماذا بك يا فلان؟ ) فهل الاستفهام في الحالين واحد؟. ظاهر قواعد اللغة يوحي بذلك. إذ إن الاستفهام بـ ( ما ) إنما يكون عن حقيقة الشيء. وقد ورد في القرآن الكريم على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام قوله تعالى : 
" واتلُ عليهم نبأ إبراهيم. إذ قال لأبيه وقومه : ما تعبدون؟ قالوا: نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين. " [ الشعراء / 69-71 ] 
وقال عنه أيضاً : 
" وإن منْ شيعتِه لإَبراهيم. إذْ جاء ربَّه بقلبٍ سليم. إذ قالَ لأبيه وقومه ماذا تعبدون؟. أَئِفكأ آلهةً دون الله تريدون؟!. " [ الصافات / 83-87 ]. 
       ففي الآية الأولى ( ما تعبدون ) تقديرها : أيُّ شيء تعبُدون؟ فالاستفهام هنا سؤال عادي غايته طلب معرفة الجواب، بدليل أن قومه أجابوه فقالوا : " نعبد أصناماً ".
 أما (ما) في قوله ( ماذا تعبدون ) فإنها جاءت مركبةً مع ( ذا ) فكانتا معاً اسماً واحداً ( ماذا ) والهدف من استعماله ليس لطلب معرفة الجواب، وإنما تقريعهم وتوبيخهم. والدليل على ذلك أنه لم ينتظر منهم جواباً. بل أجاب نفسه بسؤال استنكاري آخر ( أئفكاً آلهة دون الله تريدون؟ ). 
       فكان ( ما ) في ( ما تعبدون ) اسم استفهام، وهي وما بعدها مبتدأ و خبرـ  أما ( ما ) التي أضيفت لها ( ذا ) فصارتا معاً ( ماذا ) اسماً واحداً فكأنها في محل نصب " حال " تقدم على الفعل والتقدير : تعبدون أيَّ شيء ؟. 
       قال العلماء : لما بالغ وقرَّع استعمل اللفظ الأبلغ، وهو ( ماذا ) التي إن جُعلت ( ذا ) منها بمعنى الذي فهو أبلغ من ( ما ) وحدها وإن جُعلا اسماً كان أيضاً أبلغ وأوكد مما إذا خلت من ( ذا ) 
      والخلاصة أن ( ما ) و ( ماذا ) اسما استفهام. 
وكأنك إذا أردت الاستفهام على حقيقته استخدمت ( ما ) وإن خرجت بالاستفهام إلى غرض بلاغي آخر كالتوبيخ أو الاستنكار استخدمت ( ماذا ).

مساحة إعلانية