مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

الكاتبة همت مصطفى و حوار مع مبدع إنسان مع الكاتبة شاهيناز الفقي

2025-04-11 09:53 AM - 
الكاتبة همت مصطفى  و حوار مع مبدع إنسان  مع الكاتبة شاهيناز الفقي
حوار مع مبدع إنسان
منبر

عندما تجتمع الموهبة مع الاجتهاد، يولد إبداع يترك بصمته في عالم الأدب والفكر. الكاتبة والروائية شاهيناز الفقي نموذج حي للمبدع الذي لم يكتفِ بامتلاك أدوات الكتابة، بل سعى إلى تطويرها عبر الدراسة والبحث والممارسة، فصنعت لنفسها مكانة مميزة بين الروائيين والكتاب المصريين.

بين الرواية والقصة القصيرة والسيناريو، تنوعت أعمالها لتعكس قضايا إنسانية واجتماعية بأسلوب يجمع بين العمق والبساطة، مما جعلها تحظى بتقدير القراء والنقاد على حد سواء. لم تقتصر مساهماتها على الإبداع الأدبي، بل امتدت إلى العمل الثقافي والتنويري، من خلال عضويتها في اتحاد كتاب مصر والجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، بالإضافة إلى دورها الفاعل في الندوات والمناقشات الثقافية، حيث تسعى دائمًا إلى إثراء المشهد الأدبي بأفكارها ورؤاها النقدية.

حصلت على عدة جوائز مرموقة، من بينها جائزة إحسان عبد القدوس لأفضل رواية، وجائزة واحة الأدب الكويتية للقصة القصيرة، وجائزة منتدى الجياد الأردني. كما تُرجمت بعض أعمالها إلى الإنجليزية، وتم تحويل إحدى رواياتها إلى عمل تلفزيوني، مما يعكس نجاحها في الوصول إلى جمهور واسع داخل مصر وخارجها.

في هذا الحوار، نقترب أكثر من عالم شاهيناز الفقي الإبداعي، لنتعرف على رحلتها مع الكتابة، رؤيتها للأدب، وتأثير تجربتها الشخصية على أعمالها. كيف ترى الواقع الأدبي اليوم؟ وما التحديات التي واجهتها في مسيرتها؟ وما الجديد الذي تعد به قراءها؟

دعونا نبحر معًا في عوالمها المليئة بالحكايات والتجارب.

البدايات والتكوين الأدبي

 

* بدايةً، كيف تُعرّفين نفسكِ للقراء؟ وما أبرز محطاتكِ ومؤلفاتكِ التي تعتزين بها؟

**أنا شاهيناز الفقي، كاتبة روائية وقاصة. أبرز محطات حياتي كانت محطة احتراف الكتابة، وهو قرار جاء بمحض المصادفة، لكنه كان من أفضل القرارات التي اتخذتها. أعتز بجميع أعمالي بدرجات متفاوتة، إلا أن رواية سنوات التيه لها مكانة خاصة في قلبي، فهي أول أعمالي التي تحوّلت إلى عمل درامي.

* متى أدركتِ أن الكتابة ستكون جزءًا أساسيًا من حياتكِ؟ وهل بدأتِ في سن مبكرة؟

**لم أدرك أن الكتابة ستكون جزءًا من حياتي إلا في وقت متأخر، رغم أنني كنت أكتب منذ الطفولة للتعبير عن ذاتي. لم أكن أعي أهمية ذلك إلا لاحقًا، ولهذا أشعر دائمًا أن الوقت يداهمني، وما زال لدي الكثير لأقوله. أسعى لإنتاج أعمال تبقى في ذاكرة القارئ، وأتمنى أن يوفقني الله في ذلك.

* درستِ التجارة ثم اتجهتِ إلى الكتابة الإبداعية والسيناريو. كيف انعكس هذا التنوع على أسلوبكِ الأدبي؟

**درستُ التجارة في مرحلة لم أكن أفكر خلالها في احتراف الكتابة، ولو كنتُ أفكر حينها، لاختلف اختياري الأكاديمي. أما دراسة السيناريو فجاءت بعد أن نشرتُ أعمالًا أدبية، ورغبتُ في صقل موهبتي بحرفة الكتابة الدرامية. وقد أضافت لي دراسة السيناريو كثيرًا، حتى في أسلوبي الأدبي.

* من هم الكُتّاب الذين تأثرتِ بهم في بداياتكِ؟ وما الكتب التي شكّلت وعيكِ؟

**تأثرت بكل ما قرأته، لكن شخصية نجيب محفوظ تركت فيَّ أثرًا خاصًا. كنت أتابعه في البرامج، أعجب بابتسامته، وثقافته، وبساطته، ورأيت فيه مزيجًا فريدًا من الشعبي والمثقف. أما ما شكّل وعيي فعليًا، فكان في الغالب كتب علم النفس، والاجتماع، والفلسفة، أكثر من الأعمال الأدبية.

الرواية والقصة والسيناريو

* تنقلتِ بين الرواية والقصة القصيرة والسيناريو، كيف تجدين الاختلاف بين هذه الأشكال الأدبية؟ وأيها الأقرب إلى روحك؟

**الرواية والقصة والسيناريو هي أعمال إبداعية تهدف إلى عرض وجهة نظر أو رؤية من خلال الأدب والفن، ولكن خصائص كل صنف تختلف عن الآخر؛ فالرواية هي فن التفاصيل، والقصة فن الاختزال، أما السيناريو فهو فن بصري يقوم على الصورة في المقام الأول، بالإضافة إلى العديد من الفروق والاختلافات بينهم.

وقد بدأت بكتابة الشعر والقصة القصيرة، ولكن حينما نشرت، كان أول عمل أنشره هو رواية سعيدة.. ملحمة العشق والحرية، وهي رواية تاريخية، ثم جاءت القصة القصيرة بعد ذلك في المجموعة القصصية الدبلة والمحبس.

* روايتك "سنوات التيه" تحوّلت إلى مسلسل تلفزيوني بعنوان "الذنب"، كيف خضتِ هذه التجربة؟ وهل كنتِ راضية عن المعالجة الدرامية للرواية؟

*تحوّلت رواية سنوات التيه إلى مسلسل من خلال مخرج قرأ الرواية وقام بتحويلها إلى سيناريو، ثم تواصل معي ليقوم بإخراجها. بمعنى أنني لم أسعَ لشركة إنتاج أو لعرض الرواية على أحد، رغم أنني كتبت سيناريو خاصًا بها، ولكن المخرج قرر أن يكتب هو السيناريو للعمل، ووافقت على ذلك. وبإذن الله، عندما يُعرض العمل على الشاشة، سيكون تقييمه بشكل أدق وأفضل.

* كيف ترين واقع السيناريو في مصر اليوم؟ وهل لديكِ مشاريع مستقبلية لتحويل أعمال أخرى إلى الشاشة؟

*واقع السيناريو اليوم في مصر مرتبك، ما بين الكتابة الفردية وورش السيناريو، وما بين الاقتباس من المسلسلات الأجنبية والتركية والهندية وقصص الحارة الشعبية. لكن هذا لا يمنع وجود كتّاب سيناريو في غاية الجمال والروعة والحرفية.

وبإذن الله، لديّ خطط لتحويل رواياتي إلى سيناريوهات، وأتمنى أن تظهر على الشاشة.

* تناولتِ في قصتك الدبلة والمحبس معاناة المرأة المطلقة في مواجهة المجتمع، هل تعتقدين أن الصورة النمطية للمطلقة ما زالت قائمة بقوة؟

**الصورة النمطية للمطلقة تغيّرت نوعًا ما، وليست بنفس القوة التي كانت عليها في الماضي، لكنها ما زالت موجودة، لأن هذا موروث فكري وشعبي يصعب التخلص منه بشكل كامل.

لكن على المرأة المطلقة أن تتصدى لهذا الموروث الذي يهدر حقها في الحياة والسعادة، فقط لأن زواجها لم ينجح، حتى وإن لم تكن هي المسؤولة عن هذا الإخفاق.

* بطلتك في القصة اختارت التظاهر بالزواج لحماية نفسها، هل ترين أن النساء يُجبرن أحيانًا على اتخاذ قرارات مشابهة بسبب الضغوط المجتمعية؟

**بالتأكيد، المجتمع في كثير من الأحيان يفرض على المرأة قيودًا تضطر إلى الرضوخ لها. فنجد بعض الفتيات تسعى للزواج فقط للهروب من نظرة المجتمع لها كفتاة تأخر بها سن الزواج، أو المطلقة التي تعيش حياتها بعد الانفصال وحيدة، وترفض الزواج مرة أخرى من أجل أطفالها، نتيجة لهجوم المجتمع على الأم التي تفكر في الزواج.

في هذه الحالات، يستخدم المجتمع سلطته في إجبار المرأة على اتخاذ قرارات ومواقف ربما لا ترضى عنها، لكنها تتخذها من أجل إرضائه.

* تستخدمين "المرآة المكسورة" كرمز في الدبلة والمحبس، و"ست الحسن" كنبتة مستبدة في قصة تحمل نفس الاسم. كيف تختارين الرموز في كتاباتك؟

*استخدام الرمز في الكتابة يساعد الكاتب أحيانًا على صياغة أفكاره بشكل أفضل، كما يثير ذهن القارئ ويحفّزه على فكّ شيفرة النص السردي.

واختيار الرمز يتوقف على طبيعة الفكرة والموضوع.

* هل ترين أن الرموز تساعد القارئ على استكشاف المعاني العميقة، أم قد تُصعّب عليه الفهم؟

**استخدام الرمز في الكتابة يُحفّز ذهن القارئ ويثير خياله، لكن استخدامه بشكل مفرط لا يكون في صالح النص، وقد يبدو كأنه استعراض من الكاتب وتعالٍ على فكر القارئ.

لذلك، لا بد من استخدام الرمز بما يتناسب مع طبيعة النص، وبما يخدم الفكرة.

* كيف تختارين العناوين لأعمالك؟ وهل تعتبرين العنوان جزءًا جوهريًا من بناء القصة؟

*العنوان هو العتبة الأولى التي يمرّ عليها القارئ قبل ولوجه إلى النص، وهو ليس مجرد اسم للنص، بل عنصر فني يُوظَّف لجذب القارئ، وإثارة التساؤلات، وربط القصة بفكرة مركزية أو رمز معيّن.

اختيار العنوان المناسب يُعزّز من تأثير النص وعمقه.

* بعد إصدار الدبلة والمحبس، كيف كان تفاعل القراء؟ هل تلقيتِ ردود فعل غير متوقعة؟

**الدبلة والمحبس، المجموعة القصصية الصادرة عام 2019 عن دار غراب للنشر والتوزيع، لاقت اهتمامًا كبيرًا من النقّاد، وإقبالًا من القرّاء، وكانت خطوة مهمة في مشواري الأدبي.

* هل هناك موضوعات تجدينها شائكة أو صعبة التناول في الكتابة؟

**مع الصياغة الجيدة لا توجد موضوعات شائكة. معظم القضايا التي ناقشتها في أعمالي، سواء الروائية أو القصصية، كانت شائكة، ولكن الصياغة الأدبية قادرة على احتواء هذه الموضوعات دون الخروج عن الإطار الأدبي السليم والمتوازن.

الجوائز 

*حصلتِ على جائزة إحسان عبد القدوس عن رواية "يا شمس أيوب"، كيف استقبلتِ هذا الفوز؟ وما الذي أضافه لكِ على المستوى الشخصي والمهني؟

**الجوائز الأدبية هي تكريم للمبدع، وتتويج لجهده، وتقدير لابداعه. وهي مهمة للأديب والكاتب، وتُمثّل حافزًا للاستمرار والتطوّر.

الفوز بجائزة إحسان عبد القدوس كان بالتأكيد حافزًا كبيرًا لي، خاصة أنها جائزة تحمل اسم كاتب كبير نشأنا وتربّينا على كتاباته وأعماله الأدبية العظيمة.

* الجوائز الأدبية، هل ترينها مؤشرًا حقيقيًا على جودة العمل الأدبي، أم أنها تخضع أحيانًا لمعايير أخرى؟

*من يمتلك الحكم على جودة العمل الأدبي؟ وهل المؤشر هو الجوائز، أم رأي النقّاد، أم حجم المبيعات؟

الأمر محيّر جدًا، فالجوائز لا يتقدم لها كل الأعمال الأدبية، والنقّاد تحكمهم ذائقة شخصية قد تتجاوز فنيات الكتابة أحيانًا، أما المبيعات فلا تُعد مؤشرًا دقيقًا، وإلا لاعتبرنا قصص الرعب والعفاريت والسحر أفضل الكتب.

الأمر شائك، لكن تظل الجوائز إحدى المؤشرات التي قد تشير إلى جودة العمل بنسبة كبيرة، لكنها ليست مؤشرًا مطلقًا أو مؤكدًا.

* باعتباركِ عضوًا في لجنة الجوائز باتحاد كتاب مصر، كيف ترين آليات الترشح والاختيار للفائزين؟ وما المعايير التي تعتمدون عليها لضمان نزاهة التحكيم والارتقاء بالمشهد الأدبي؟

**من مهام لجنة الجوائز باتحاد الكتاب: الإعلان عن المسابقة، واستلام الأعمال المتقدّمة، واختيار لجان التحكيم، ثم استلام التقارير وإعلان الفائزين.

اللجنة برئاسة الشاعر والكاتب الكبير أحمد فضل شبلول، وعضوية الدكتورة زينب العسال، والكاتب حسام أبو العلا، وأمين اللجنة الأستاذ محمد السيد.

نُحرص على الدقة والأمانة في اختيار لجان التحكيم ومتابعة تقاريرهم، والتي تتضمن تقييمًا مفصلًا وواضحًا لكل عمل أدبي.

الإبداع والهوية الثقافية

* أعمالكِ تتناول قضايا إنسانية واجتماعية بعمق، كيف تختارين موضوعاتكِ؟ وهل تستلهمينها من الواقع المحيط بكِ؟

**الحقيقة أنني لا أختار موضوعاتي، بل هي التي تفرض نفسها على تفكيري. أجد الفكرة تطاردني وتلحّ على ذهني حتى تخرج على الورق، وكأنها تُصر على أن تُروى.

* كيف تنظرين إلى دور الأدب في التغيير المجتمعي؟ وهل تعتقدين أن الكتابة يمكن أن تؤثر فعليًا في وعي الناس وسلوكهم؟

**إذا لم تؤثّر الكتابة في وعي الناس وتُطوّر من أفكارهم، فلا حاجة لنا بها. فوسائل التسلية كثيرة ومتنوّعة، لكن الأدب يجب أن يكون له دور في تنمية الفكر وتطوير الوعي.

* نشرتِ مقالات وقصصًا في مجلات وصحف محلية وعربية، كيف تقيمين التجربة الصحفية مقارنة بالكتابة الإبداعية؟

**كتابة المقالات الصحفية هي أحد ألوان الإبداع. فالمقال الصحفي يُسلّط الضوء على قضية أو فكرة بأسلوب مباشر وواضح، دون الدخول في تفاصيل سردية. أما الكتابة الإبداعية، فهي تعني التعامل مع جميع عناصر النص من سرد وحوار ووصف ولغة، لنقل الفكرة بطريقة فنية وعميقة.

الإبداع في العصر الرقمي

* كيف ترين تأثير الوسائل الرقمية على القراءة والكتابة اليوم؟ وهل تشعرين أن مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت على نشر الأدب أم أضرّت به؟

**مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدّين. من جهة، ساعدت في نشر الأعمال الأدبية، وإبراز المواهب، وسهّلت التواصل بين المبدعين ودور النشر، كما ساعدت في الترويج للأعمال.

لكن من جهة أخرى، ظهرت على السطح أعمال رديئة انتشرت بفضل الدعاية والتسويق، مما أعطى القارئ صورة مضللة، وأسهم في توجيه الذوق العام نحو أدبٍ هزيل، وأهمل الأدباء الجادين الذين لا يمتلكون أدوات الترويج أو لا يُجيدون التسويق لأنفسهم.

* هل لديكِ تفضيل معين بين النشر الورقي والنشر الإلكتروني؟ وما رأيكِ في مستقبل الكتاب الورقي في ظل التطور التكنولوجي؟

**ليس لدي تفضيل معين، وقد نشرت أعمالي ورقيًا وإلكترونيًا.

مثلًا، روايتا حتما سوف يأتي ومذكرات نزيل جهنم متاحتان على تطبيق "أبجد"، بينما المجموعة القصصية الدبلة والمحبس منشورة على مكتبة "نور" الإلكترونية.

أما عن مستقبل الكتاب الورقي، فأراه مستمرًا رغم التطور، لأن هناك دائمًا مَن لا يستطيع الاستغناء عن ملمس الورق ورائحة الصفحات الأولى.

العمل الثقافي والنقدي

* كونكِ عضوًا في اتحاد الكُتّاب والجمعية المصرية لنقّاد السينما، كيف تقيّمين المشهد الأدبي في مصر اليوم؟ وما التحديات التي تواجه الكُتّاب الشباب؟

*المشهد الأدبي في مصر، والحمد لله، يشهد حالة من الزخم، وهناك العديد من الكُتّاب الشباب الذين يمتلكون مواهب حقيقية في الرواية والقصة ويعبّرون عن جيلهم وقضاياه بصدق، وقد حصدوا جوائز داخل مصر وخارجها.

لكن التحدي الأكبر، في رأيي، يتمثل في تراجع معدلات القراءة بسبب هيمنة التكنولوجيا وتنوّع وسائل الترفيه على وسائل التواصل الاجتماعي.

في ظل هذه المتغيرات، على الكاتب أن يكون ذكيًا وحنكته عالية ليجذب القارئ ويجعله يختار العمل الأدبي وسط كل هذا الكم من الإغراءات الرقمية، وهي مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة.

*تحدّثتِ في ندواتكِ عن المسرح والذكاء الاصطناعي، كيف ترين العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا؟ وهل يمكن أن نرى لكِ عملًا روائيًا يتناول الذكاء الاصطناعي؟

**الكثيرون لديهم مخاوف من الذكاء الاصطناعي، ويرون أنه قد يُهدّد مستقبل الفنون كالرسم والكتابة، وربما يستبدل المبدعين بالبَرامج. وهو تخوّف مشروع في ظل ما نشهده من تطور سريع.

لكنني أؤمن بأن التكنولوجيا، إذا أُحسن استخدامها، يمكن أن تكون أداة لدعم الإبداع وتطويره، وليس خصمًا له.

أما عن رواية تتناول الذكاء الاصطناعي، فأعتقد أن هذا أمر وارد جدًا، بل ضروري، لأنه أصبح جزءًا من واقعنا اليومي ويستحق أن يُناقش أدبيًا بعمق.

* بصفتكِ الأمين العام لمنتدى مصر الثقافي، ما الدور الذي يلعبه المنتدى في دعم الأدب والفكر؟

**منتدى مصر الثقافي أسّسه المترجم والشاعر م/ شرقاوي حافظ، بالتعاون مع مجموعة من المثقفين، في التسعينات. وبعد فترة من التوقّف، أعدنا إحياءه بندوات نوعية ناقشت قضايا الصحافة، والشعر، والنقد، والأدب، وغيرها من الموضوعات التي تهم المثقفين والمبدعين.

وقد حققت هذه الندوات، بفضل الله، نجاحًا ملحوظًا، وأسهمت في إعادة الحوار الثقافي الحيوي إلى الساحة.

المستقبل والطموحات

* روايتك "حتماً سوف يأتي" صدرت حديثًا عن دار العين، ماذا تخبرينا عنها؟ وهل هناك مشاريع كتابية جديدة تعملين عليها حاليًا؟

** رواية "حتماً سوف يأتي" هي من الأعمال الأدبية التي حملتني كثيرًا في مراحل كتابتها. أردت أن تكون رواية تجمع بين الأسلوب السهل والموضوع العميق، لتكون ممتعة للقارئ وفي نفس الوقت تحمل فكرة مهمة. صدرت عن دار العين للنشر، وهي دار لها تاريخ طويل في نشر الأعمال الأدبية الرفيعة، بقيادة د. فاطمة البودي التي تعتبر من أهم الناشرين في مصر. حاليًا، أنا أعمل على مشروع كتابي آخر بدأته منذ ثلاث سنوات تقريبًا، وأتمنى أن أنتهي منه قريبًا ليخرج إلى النور.

* في إحدى الندوات، طُرح عليكِ سؤال لافت: هل من حق الكاتب أن يحاكم أبطاله؟ كيف ترين هذه العلاقة بين الكاتب وشخصياته؟ وهل ينبغي للكاتب أن يكون قاضيًا على أبطاله، أم يكتفي برصد أفعالهم وترك الحكم للقارئ؟

* من رأيي، الكاتب يجب أن يكون محايدًا مع شخصياته وأفكاره. عليه أن يترك المجال للقارئ ليتخذ حكمه الخاص على الأبطال بناءً على أفعالهم، بدلاً من أن يفرض عليه الحكم. الأدب لا ينبغي أن يكون محاكمة، بل مساحة لتقديم الأفكار، والتحفيز على التفكير، ومنح القارئ فرصة لإصدار حكمه بناءً على تجربته الخاصة مع النص.

* أخيرًا، كيف تحب شاهيناز الفقي أن تُذكر بعد سنوات؟ وما الإرث الذي تتمنين أن تتركيه للأجيال القادمة؟

** أتمنى أن يُذكر اسمي كإنسانة تركت أثرًا جميلًا في قلوب الناس، ولم تتوقف يومًا عن الحلم والسعي لإلهام الآخرين. أريد أن يكون إرثي هو الكلمة التي تبقى، والفكرة التي تشعل ضوءًا، والعمل الذي يفتح أبواب الأمل للأجيال القادمة. إن استطعت أن أترك بصمة في الحياة، فأتمنى أن تكون بصمة حب، معرفة، وإبداع، وأرجو أن أكون قد ساهمت، ولو بلمسة صغيرة، في جعل العالم مكانًا أكثر إشراقًا.

تلغراف

إذا طلبنا منك إرسال "تلغراف" إلى شخص ترك أثرًا طيبًا في حياتك، وكان له دور في تشكيل رحلتك الشعرية أو الإنسانية، لمن ستوجهين الرسالة؟ وماذا ستقولين له؟

** سأوجه تلغرافًا إلى الشخص الذي لم يرَ فيّ مجرد كاتبة، بل رأى فيّ روحًا تحمل رسالة. إلى من آمن بصوتي قبل أن أجد جرأتي لأتحدث، إلى من أهداني كلمة جعلتني أؤمن أن الحلم ممكن. سأقول له: "شكرًا لأنك كنت شرارة الضوء في عتمة الشك، لأنك علمتني أن للكلمات قوة، وللإيمان بالذات معجزة. لولاك، ربما كانت رحلتي مختلفة، لكن أثرك سيبقى خالدًا في كل حرف أخطه، وكل حلم ألهم به غيري."

خاتمة الحوار

رحلة الإبداع لا تتوقف عند كتاب أو جائزة، بل تمتد مع كل فكرة جديدة، وكل تجربة تضاف إلى سجل المبدع. شاهيناز الفقي نموذج للكاتبة التي تجمع بين الشغف والاحتراف، بين الخيال والواقع، بين الكلمة والمسؤولية. قدمت لنا أعمالًا تسبر أغوار النفس الإنسانية، وتفتح نوافذ على عوالم مختلفة، وأثبتت أن الأدب ليس مجرد كلمات على الورق، بل هو مرآة للروح والمجتمع.

نتمنى لها المزيد من النجاح والتألق، ونترقب كل جديد تضيفه إلى المكتبة العربية.

شكرًا لكِ أ. شاهيناز الفقي على هذا الحوار الثري والممتع.

مساحة إعلانية