مساحة إعلانية
حينما يجتمع الإبداع مع الرقة، والصمود مع الحرف العذب، نجد أنفسنا أمام شاعرة من طراز خاص. آمال مصطفى، التي أطربت القلوب بكلماتها، وغزلت الحروف على نول الأحاسيس، فجعلت من الشعر وطناً ومن الكلمة عزاءً.
رحلة طويلة من العطاء الأدبي، بين الفصحى والعامية، حملت خلالها أوجاع الوطن وأحلام العاشقين، وجعلت من الشعر نافذة للأمل رغم الألم. واليوم، ونحن نلتقيها في هذا الحوار، لا نحتفي فقط بإبداعها، بل نحاول أن نضيء الجوانب الإنسانية لشاعرة أرهقتها الحياة بمحنها، لكنها ما زالت واقفة، كطائر جريح، يأبى أن يستسلم للقيد.
كيف أثر الفقد على مسيرتها؟ ولماذا ابتعدت عن الساحة الأدبية؟ وما الذي يعيدها الآن إلى الضوء؟ في هذا الحوار الصادق، نقترب من قلب شاعرة أضناها الشوق، لكنها لا تزال تنشد الحلم من جديد.
المسيرة الأدبية والبدايات
* شاعرتنا القديرة، متى اكتشفتِ شغفكِ بالشعر؟ وكيف كانت بداياتكِ في الكتابة؟
**منذ صغري وأنا أعشق الشعر، لكنه كان مجرد خواطر ومشاعر عابرة خلال سنوات الدراسة. بعد زواجي، انقطعت عن الكتابة لسنوات طويلة، حيث انشغلت بأسرتي. ومع مرور الوقت، كبر أبنائي، ووجدت نفسي أعود مجددًا إلى الشعر، وكأنني ألتقي ذاتي من جديد.
* بين الفصحى والعامية، أين تجدين نفسكِ أكثر؟ وأي الألوان الشعرية أقرب إلى روحكِ؟
**أكتب أحيانًا بالفصحى وأحيانًا بالعامية، فالأمر يتوقف على الإحساس الذي يخرج من أعماق الشاعر. بالنسبة لي، كلاهما قريب مني بنفس الدرجة.
* لديكِ العديد من المشاركات الأدبية والتكريمات، أيها كان الأقرب إلى قلبكِ؟ ولماذا؟
** أقرب التكريمات إلى قلبي كان "درع التميز" من صالون إيزيس بمركز كرمة ابن هانئ، لأنه كان أول تكريم لي، وله مكانة خاصة في نفسي.
* هل كان للوسط الثقافي دور في دعمكِ، أم أنكِ اعتمدتِ على نفسكِ في رحلتكِ الأدبية؟
** كان هناك من دعمني ووقف بجانبي في بداياتي، ولا أنسى فضل من آمن بموهبتي وتعلمت منهم الكثير.
الغائب الحاضر: أثر الفقد والتجربة الإنسانية
* الفقد ليس بالأمر الهيّن، فكيف أثر على حياتكِ الشخصية والإبداعية؟
** الفقد من أصعب ما قد يمر به الإنسان، وقد كان له أثر بالغ على نفسي ومشاعري، خاصة عندما فقدت أصدقاء كانوا الأقرب إليّ من الوسط الثقافي. أما وفاة زوجي، فكانت نقطة تحول كبرى في حياتي، حيث دفعتني إلى العزلة والابتعاد عن الناس والكتابة، ولم أتمكن حتى الآن من تجاوز ذلك.
* هل وجدتِ في الكتابة متنفسًا لتخفيف الألم، أم أن الحروف خذلتكِ في لحظات الوجع؟
** الكتابة هي الملاذ الوحيد لأصحاب القلوب المرهفة، لكنها أحيانًا تعجز عن التعبير عندما يكون الألم أكبر من الكلمات، فلا نجد سوى الدموع.
*هناك من يجد في الفقد دافعًا للإبداع، بينما يجد آخرون فيه انطفاءً للروح.. أين أنتِ بين هذين الاتجاهين؟
**في البدايات، كنت أجد في الحزن والفقد دافعًا للكتابة، لكنه الآن أصبح قيدًا يمنعني من العودة، خاصة بعد فقدان زوجي، إذ لم تعد الكلمات تسعفني، ولم تعد روحي قادرة على البوح.
* كيف ترين دور الأدب في التخفيف عن الأحزان؟ وهل ساعدكِ جمهوركِ وقراؤكِ في تجاوز هذه المحنة؟
**لا شك أن الأدب يساعد في التخفيف عن الأحزان، فهو وسيلة للتعبير عن مشاعرنا وإخراجها، لكن رغم ذلك، لم يتمكن أحد من مساعدتي على تجاوز فقدان زوجي حتى الآن.
الغياب والعودة إلى الساحة الأدبية
* لماذا ابتعدتِ عن الوسط الأدبي منذ فترة؟ وهل كان ذلك خيارًا شخصيًا أم نتيجة لظروف؟
** ابتعدتُ عن الوسط الأدبي بسبب مرض زوجي ثم وفاته، وكان ذلك قرارًا شخصيًا فرضته الظروف.
* هل ترين أن الساحة الأدبية تغيرت عما كانت عليه؟
**نعم، أعتقد ذلك. في الماضي، كانت المحبة والصداقة تملأ الأوساط الأدبية، مما أتاح مناخًا خصبًا للإبداع وازدهار الصالونات والجمعيات الأدبية. أما الآن، فالأوضاع تغيرت كثيرًا.
* ما رأيكِ في المشهد الشعري الحالي؟ وهل ما زال للشعر تأثيره في المجتمع كما كان من قبل؟
** المشهد الشعري الحالي يحتاج إلى مزيد من الاهتمام من القائمين عليه، لكن تأثير الشعر سيظل قائمًا ما دام الإنسان موجودًا.
الجانب الإنساني والتأثير الثقافي
* بعيدًا عن الشعر، من هي آمال مصطفى الإنسانة؟ ما الذي تحبينه ويبعث فيكِ السعادة؟
** آمال مصطفى إنسانة بسيطة، تحمل في داخلها الكثير من المشاعر والحب للجميع، نقية كصفاء اللبن. وأكثر ما يمنحني السعادة هم أبنائي وأحفادي، فمعهم أنسى الألم وأعود طفلة من جديد.
*لو كان بإمكانكِ توجيه رسالة إلى نفسكِ قبل سنوات، ماذا كنتِ ستقولين؟
** كنت سأقول لنفسي: الرضا لمن يرضى، الحمد لله على كل شيء.
أسئلة سريعة
* كتاب أو ديوان لا يفارق مكتبتكِ؟
** ديوان "قطرات من الشوق" للورداني ناصف.
*شاعر أو كاتب تأثرتِ به؟
** نزار قباني.
*قصيدة من إبداعكِ تعبر عن حالتكِ الآن؟
**قصيدة "الغائب الحاضر" من ديوان أشواق.
* لو لم تكوني شاعرة، فما الموهبة التي كنتِ ستختارينها؟
** لا أستطيع أن أكون سوى شاعرة، الشعر هو قدري وشغفي الأبدي
تلغراف
*إذا طلبنا منكِ إرسال "تلغراف" إلى شخص ترك أثرًا طيبًا في حياتك، وكان له دور في تشكيل رحلتكِ الشعرية أو الإنسانية، لمن ستوجهين الرسالة؟ وماذا ستقولين له؟
**أوجه رسالتي إلى كل من مر في حياتي وترك بصمة في كتاباتي:
شكرًا لكم من القلب.
ختاما :
شاعرتنا القديرة، نشكركِ على هذا الحوار الصادق الذي سمح لنا بالتعرف ليس فقط على آمال مصطفى الشاعرة، بل أيضًا على الإنسانة التي خلف الحروف. نتمنى لكِ مزيدًا من الإبداع، ودوام القوة والتألق.

