مساحة إعلانية
من أدب الخيال العلمي
الزمان : اليوم السادس / الشهر العاشر / 2050م
لي صديق يدعي ( ك – 1 ) .. أعتز به جداً
- كيف حالك يا ( ك – 1 ) ؟
- في خير حال .. أشكرك يا مدحت .. علي سؤالك علي ..
هل من خدمة أؤديها إليك ؟
- بالطبع – حدد لي برنامج اليوم .
طبعاً أنتم تتساءلون من هو صديقي ؟! وربما تعتقدون أنه سكرتيري والواقع أن هذا صحيح بعض الشيء ، فصديقي هذا كمبيوتر صغير أحمله في ساعتي ، كمبيوتر صغير ناطق .. ويقوم بأعقد العمليات الرياضية ولديه قدرة علي تنظيم المعلومات واتخاذ قرار ، ويمكن أن تقول أنه يفكر ويحس بشكل ما .
- دكتور مدحت .. بعد دقيقة واحدة تأتي صديقتك الجميلة "هدي"
- كأنك تبتسم في خبث !
- أنا ؟ .. كيف ؟ أنا مجرد آلة تتكون من ألياف معدنية عبارة عن رقائق كهرومغناطيسية و ...
- حسناً .. حسناً .. لا داعي للاستطراد .. أنا أحفظ تركيبك عن ظهر قلب .. أنسيت أني مصممك ؟!
- الآلات لا تنسي شيئاً يا سيدي !!
- ربما .. !!
- سيدي .. عشرون ثانية علي قدوم الآنسة "هدي" .
- حسناً .. اقطع الاتصال يا ( ك-1 )
بدا وكأن الكمبيوتر يبتسم في خبث ، وهو يقول بنغمات صوتية ماكرة :
- تحت أمرك يا سيدي ي ي !!!
نظر إليه الدكتور مدحت في عجب .. إلا أن صوت وصورة الأنسة هدي .. قطعا عليه أفكاره عندما ظهرت صورتها علي شاشة صغيرة معلقة علي جانب الغرفة وهي تنتظر الإذن بالدخول .
* * *
- مرحباً يا هدي .. تفضلي .. اجلسي
- أهلاً دكتور .. تدخل مباشرة في الموضوع .. إننا في عصر لا يحتمل الدوران حول الأفكار
ابتسم في ثقة قائلاً :
- حسناً .. تكلمي
- لقد أعجبت كثيراً بخطاباتك العاطفية التي كتبتها لي ، بصراحة أنا أحببتك منها !
زادت ابتسامته وهو يعدل ياقة قميصه المصنوع من مادة خاصة يتغير لونها تبعاً لدرجة الحرارة ، بينما حاولت هي أن تجد سبباً لهذه الثقة وهذا الغرور الواضح ، فلم تجد سوي وجه دميم ،، وأنف بارز نحيل .. يبدو كجذر بارز من تربة رديئة .
- كيف كتبت هذا الكلام ؟! إنك كنت زميلي منذ كنت في الجامعة ، كنت دائماً منطو لا تدري حتي أبسط الأشياء عن الجنس الأخر عن العاطفة والحب .
أجابها وهو يتحرك بكرسيه قائلاً :
- الواقع أن قلبي يمتلئ بما لا أستطيع الإفصاح عنه إلا في الرسائل و ..
قاطعه صوت معدني ماكر
- سيدي! .. لا تكذب !!
انتفض الدكتور مدحت بينما تراجعت هدي بمقعدها في دهشة وهي تقول :
- ما معني هذا ؟!
بينما صرخ مدحت في غضب :
- اقطع الاتصال يا ( ك-1 ) ، لا تتدخل فيما لا يعنيك .
- في الوقع سيدي .. إنك تنساني دائماً وتزعم أنك صاحب الفضل في كل شيء !
ازداد هياج "مدحت" وصرخ في هستيريا
- اقطع الاتصال يا ( ك-1 ) .. هذا أمر !
قالت "هدي" في دهشة
- ما معني هذا العبث .. ؟! .. ما الذي يعنيه هذا الكمبيوتر اللعين ؟!
- عفواً أنستي .. لولا أنك تكوين جميل متناسق بالنسبة لي .. لقتلتك من أجل هذه العبارة !
صدرت منه عدة نغمات صوتية متدرجة علي سلم الموسيقا .. بدا وكأنها ضحكة ساخرة .
- أعلمي أنستي .. أنني أنا المحب الولهان الذي كتب كل تلك الرسائل إليك .. دوائري المغناطيسية هي التي جري بها نبض حبك وتدفقات مشاعري نحوك .
صرخت هدي .
- أنت ؟! .. مستحيل !
بينما كاد أن يبكي مدحت وهو يقول :
- ( ك-1 ) .. اقطع الاتصال أرجوك .. لقد صنعتك لتكون تحت أمري ، وأنت هكذا تتمرد علي سيادتي
- أسف سيدي .. لقد أحسست بدفقات من طاقة عجيبة لقد أحببتها .. وأخلصت لها ، وكتب لها ما كنت تود أن أكتبه من أجلك. لكن الدوائر المغناطيسية الرئيسية أوضحت أن الكيان كله يحبها .
- سأدمرك يا ( ك-1 )
- لن تستطيع سيدي وأحذرك من المحاولة .. فمدافع الليزر الصغيرة ستقتلك علي الفور .. إن الكيان كله سيدافع من أجل وجوده .
- لكن .. لكن أنا أحبها .. هي الوحيدة من هذا الجنس التافه التي أحببتها ؟
- أسف سيدي !! أنا أيضاً أعتقد أنهن جنس تافة ، بل البشر جميعاً جنس تافه لكن هذا لا يغير من حقيقة الأمر ، أنا أحب هذا الكيان .. وأريد أن أمزج طاقتي بطاقته
أرجوك سيدتي ضعيني في يدك !!
كانت هدي في أثناء ذلك مندهشة تنظر إليهم في ذهول
ثم صرخت .
- لا .. لا .. لن تمتلكني آله .
- اكتسب الرنين صبغة تشبه الآلم وهو يردد بصدي :
- لكني أحبك سيدتي
انتفضت هدي قائلة :
- لا .. لا أنا أكرهك .. وأكره هذا الدكتور الذي يزيف المشاعر .. أكره كل الآلات التي تملي أوامرها علي البشر ، أتفهم .. أكرهك .
- سيدتي .. بل حبيبتي .. لا أستطيع العيش بدون طاقة حبك المبثوثة في جوانبي ..
أرجوك لا تحرميني منها .. لا تكرهيني
إذا فعلت سوف أفني وأضيع .
انتهز الدكتور مدحت الفرصة وقال متشفياً
- إنها تكرهك يا ( ك-1 ) لا تحبك .. لا تحبك .
بدا صوت ( ك-1 ) وكأنه يأتي من أعماق بعيدة :
- لا .. لا
ماذا حدث
طاقتي الكهرومغناطيسية مازالت في أوجها ،
لكن المركز الأول لا يجيب ، ولا الثاني ، ولا الثالث ..
ولا الرابع لم يبق إلا أنا المركز الرئيسي ،
وأنا أيضاً سوف أموت ، لن أعيش لتكرهيني !!