مساحة إعلانية
بقلم صابر سكر
توقع الكثير من الخبراء والاقتصاديين انخفاض أسعار السلع والخدمات في مصر مع وجود سعر صرف موحد للدولار فى البنوك والسوق الموازية، وهو ما بدأ يحدث ولكن السؤال الذى يطرح نفسه الآن: كيف انخفضت الأسعار والدولة من ناحية أخرى رفعت أسعار البنزين و السولار والغاز، وهل هناك علاقة بين الخدمات والدعم الحكومي وسعر صرف الدولار؟
مليارات الدولارات حصدتها مصر من مشروع رأس الحكمة، إلى جانب مليارات صندوق النقد الدولي عبر اتفاق الإقراض وزيادة التمويل الأخيرة، بخلاف برنامج الشراكة الأوروبية والذي وفر نحو ٨ مليارات دولار ورغم عشرات المليارات هذه لا يوجد انعكاس حقيقي على أوضاع المعيشة للمواطن المصري .
ورغم دخول عشرات المليارات من الدولارات لدعم الاقتصاد المصري إلا أن الحكومة قررت زيادة أسعار الخدمات التموينية للمحروقات وهو ما تسبب في موجة غلاء عامة على جموع المواطنين وذلك من خلال تسعير الخدمات الحكومية، وتحديد برامج الإنفاق الحكومية.
في ظل موجة الغلاء ظهر التجار المستغلون، وأضحت أسعار السلع في ارتفاع بشكل مستمر بل يوميًا، ظهرت سلاسل التجار المحتكرين أيضًا والذين استغلوا الوضع الاقتصادي المتدهور لحجب السلع الأساسية وبيعها بأضعاف سعرها السوقي، بل تسعير تلك السلع على رقم مرتفع للدولار عن المعتمد رسميًا بالبنك المركزي.
أسعار السلع كانت تزيد بنسبة بين 5 و 10% سنويًا غير أن الحال الآن هو زيادة بنفس النسبة ولكن بشكل شهري، وهو ما يشير إلى قصور في الرقابة على الأسواق والتشريعات الرادعة لهؤلاء التجار المخالفين.
وبتحليل الزيادات المئوية لأسعار السلع نجد أن معدل التضخم بين 45 و 55%، ولم تسلم أية منتجات إستراتيجية من تلك الزيادة فنجد زيادة 500 منتج دوائي إلى جانب إعداد قائمة من 3000 عقار سيجرى زيادة أسعارهم خلال الفترة القليلة المقبلة.
وعدم انخفاض أسعار السلع رغم انخفاض سعر صرف الدولار أمام الجنيه ليس فقط مسؤلية التجار فقط لأن حالة الفوضى وانعدام الرقابة مسؤولية أساسية للحكومة المصرية والحلول التي تقدم حلول عقيمه مثل معارض السلع بأسعار منخفضة والتي لا تكفي نسبة 10% من المجتمع المصري، كما أن الحل الأمني بالقبض على التجار المخزنين للسلع والمواد الغذائيه يبث الخوف في التجار ويمنعهم من عرض السلع المتاحة لديهم وبالتالي تزيد الأسعار!
والحل باختصار إلى جانب إحكام الرقابة على الأسواق وتوفير السلع بشكل ضخم لتكون معدلات العرض أكبر من معدلات الطلب وبالتالي يجبر التجار على النزول بالأسعار والخطوه المكملة لتلك النتيجة ألا يكون لدى الحكومة أزمة في توفير النقد الأجنبي، وأحيل إلى روشتة لدعم الاقتصاد المصري نشرها موقع "سكاي نيوز عربية" لمعالجة فقد الدولار مع تنوع الاقتصاد في العملات الأجنبية.
والمحاور الخمس تتضمن:
أولا: القطاع الصناعي وهو أقوى قطاع من الممكن أن يرفع حصيلة الدولار لمصر من خلال: تقليل حجم المواد الصناعيه التي تستوردها مصر وبالتالي تقليل الطلب على الدولار، إلى جانب التصدير للمواد الخام بعد إجراء عمليات التصنيع الأولية وليس مجرد خام بسعر بخس، فترتفع حصيلة تصدير تلك المواد بنحو 4 اضعاف.
ثانيًا: المحور الزراعي القضاء على فجوة استيراد القمح لتجني مصر مكاسب استرتتيجية ضخمة للاقتصاد فهناك حاجة سنوية لـ 11 مليون طن، إلى جانب بذل جهود لزراعة الأعلاف الحيوانية لتوفير حصيلة دولارية، وكذا تخفيض أسعار السلع الغذائيه
ثالثًا: محور السياحة وهو ملف يدار بشكل سيئ، لأن مصر عائدها السياحي وصل إلى نحو 13.6 مليار دولار خلال 2023 وهذا رقم ليس بضعيف فقط ولكنه (ميت) بالمقارنة بدول لا تمتلك ربع مقاومتنا السياحية وتحقق أضعاف هذا الرقم، رغم وجود فنادق وبنية أساسية ممتازة فى مصر حاليًا لكن لا يوجد أي كادر مؤهل للتعامل مع السياحة.
رابعًا: محور الديون إذ نحتاج إلى تغيير استراتيجي مختلف من خلال إعادة هيكلة للديون واستبدال الديون طويلة الأجل بديون قصيرة الأجل لضمان التدفقات الدولارية.
خامسًا: محور دمج الاقتصاد غير الرسمي والذي يصل إلى نحو 50% من حجم الاقتصاد المصري إن لم يكن 60 % بحسب وزارة التخطيط، وحال دمج هذا الاقتصاد ستتضاعف الحصيلة من الضريبيه للاقتصاد المصري بالإضافة إلى القضاء على السوق الموازية بشكل تام في كل السلع.
والخلاصة القدر يعطينا فرصة ثانية للعودة على التراك الصحيح والفرصة مدفوع ثمنها مقدمًا لكن لن تكون متاحة طوال الوقت ولابد من استغلال كل سنت متاح الآن وتوجيهه للمسار السليم ليس رفاهية ولكن إجبارًا حتى يكون هناك مستقبل اقتصادي أفضل لهذا الشعب .