مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

د. شيرين جودة نصر تكتب: قاتل محترف

2024-08-08 03:15 PM - 
د. شيرين جودة نصر تكتب: قاتل محترف
د. شيرين جودة نصر
منبر

القاتل المحترف هو شخص مُدرّب على القيام بعمليات القتل بشكل احترافى، غالباً ما يكون في سياق الجرائم المنظمة. و قد يُستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى شخص متورط في عمليات القتل بدافع العمل أو المال.
لكن القاتل الذى نتعرض له اليوم هو قاتل من نوع خاص فهو يقتل ضحيته بدم بارد حتى يجعلها تتمنى الموت لتتخلص من سماع صوته وكلماته التى تحيط بها طوال الوقت. هل عرفتم من هو هذا القاتل؟ القاتل المقصود هنا هو اللوم. 
فاللوم هو أن تعاتب شخصاً ما سواء كان مخطئاً في حقك أم لا وعندما تقوم بهذا الفعل فإنك تضعه في موقف الدفاع عن نفسه و تبرير أفعاله وقد يكون مخطئاً بالفعل وهو يعلم ذلك، لكنه سينطلق في التبرير والدفاع عن نفسه لأنه يرى أنك تهاجمه وبالتالي يرى نفسه ضحية لك ونفس الشئ ممكن أن يحدث معك.  
مثال على ذلك:
أب نجح ابنه فى الثانوية العامة وأصر الإبن على الإلتحاق بإحدى الكليات ذات التخصص الدقيق رغم اعتراض الأب ورغبته فى التحاق ابنه بكلية أخرى ، فى النهاية نزل الأب على رغبة الإبن ووافق على التحاقة بالكلية التى يرغب فيها.
مرت سنوات الدراسة ونجح الابن وتخرج من كليته وبدأ رحلة البحث عن عمل. مرت الأيام والشهور والابن لا يجد عملاً يناسب مؤهله الجامعى فبدأ الأب فى لومه ليل نهار وأنه لولا اصراره على دخول هذه الكلية لوجد عملاً الآن وأنه سيظل هكذا بلا عمل وسيظل والده ينفق عليه و....... سيل من الهجوم واللوم على هذا الابن المسكين الذى كانت جريمته الوحيدة هى انه تمسك بحلمه وحقق رغبته فى الالتحاق بهذه الكلية والتى يعتبر مؤهلها قيماً جداً لكن للعمل فى أماكن معينه للأسف لم يستطع الالتحاق للعمل بها.
ولأن الابن كان صغيراً فى السن وبلا خبرة لم يحاول أن يعمل فى وظيفة أخرى حتى يجد الوظيفة التى تتناسب مع مؤهله الدراسى لأنه كان يرغب فى العمل بمؤهله حتى يثبت لوالده أنه لم يكن مخطئاً فى اختياره. كذلك لأن الأب كان ساخطاً عليه طوال الوقت لم يتحدث معه فى هذا الشأن بل ظل يلومه على الالتحاق بهذه الكلية كلما رآه .
 والنتيجة .......
انطوى الابن على نفسه حتى بات يكره الخروج من غرفته أو بيته وزهد الأكل والشرب حتى هزل جسده وضعفت صحته إلى أن وسوس اليه شيطانه بفكرة الهروب ..
وليس المقصود بالهروب هو الهروب من البيت، لكن الهروب من الحياة بأسرها ، ولا يعنى هذا الانتحار بقتل النفس وإزهاق الروح لا سمح الله لكن المقصود به هو الإنتحار النفسى ، فقد هرب الابن للأسف الى طريق الإدمان.
نعم .. أدمن الإبن تعاطى المخدرات حتى يهرب من كلمات اللوم القاتلة التى كان يسمعها ليل نهار، وحتى يعيش فى عالم من الضياع كوسيلة لعقاب نفسه أو ربما لعقاب والده الذى جعله فى موضع المتهم الذى يحاول اثبات براءته من غير تهمة.
والسؤال هنا : هل كان الأب يرغب فى قتل ابنه بهذه الطريقة ؟
الإجابة : بالقطع لا .. فالأب كان يرغب فى رؤية إبنه ناجحاً مستقراً فى عمل يليق به لكنه للأسف اختار الأسلوب الخطأ فى التعامل مع ابنه.
لقد ظن الأب انه بهذه الطريقة يحفز ابنه للبحث اكثر عن عمل وعدم اليأس لكنه للأسف دمر نفسيته حتى دمر مستقبله وحياته. 
لذلك فلنحذر من اللوم خاصةً إذا كان ذلك غير مبرر أو قد يضر بالعلاقات الشخصية أو المهنية، فهناك بعض الأسباب التي تجعل من المهم أن نكون حذرين عند توجيه اللوم:
1. التأثير السلبي على العلاقات : اللوم المستمر يمكن أن يُضعف الثقة والاحترام بين الأفراد، ويؤدي إلى توتر وصراعات قد تكون صعبة الحل.
2. تأثيرات نفسية: اللوم يمكن أن يؤثر سلباً على الصحة النفسية للأشخاص، مما يتسبب في الشعور بالإحباط، وعدم الكفاءة، وقد يؤدي إلى تدني احترام الذات.
3. عدم تحقيق الفائدة: في بعض الأحيان، توجيه اللوم قد لا يكون بناءً أو مفيداً. من الأفضل أن نركز على حل المشكلات وتحقيق تحسينات بدلاً من التركيز على من هو المسئول.
4. التحفيز السلبي: اللوم يمكن أن يؤدي إلى ردود فعل سلبية، مثل مقاومة التغيير أو التهرب من المسئولية بدلاً من تحفيز الناس على التحسين.
5. التأثير على الأداء: إذا تم توجيه اللوم بشكل غير عادل أو متكرر، فقد يؤثر ذلك سلباً على أداء الأفراد وقدرتهم على الإبداع والابتكار.
وبدلاً من اللوم، يمكن اعتماد نهج أكثر إيجابية وبناءً، مثل:
• التواصل الفعّال: استخدام الحوار المفتوح والصريح للتعبير عن القضايا والمشاكل.
• التركيز على الحلول: البحث عن طرق لحل المشكلات بدلاً من التركيز على الأخطاء.
• التقدير والتشجيع: تعزيز السلوك الإيجابي من خلال الاعتراف بالجهود المبذولة والتشجيع.
فتبني هذا النوع من النهج يمكن أن يساهم في خلق بيئة أكثر إيجابية وبناءً، مما يعزز التعاون والنجاح المشترك.

كلمة أخيرة ...
علينا بالتسامح فهو يؤدى على تجاوز الأخطاء وفهم وجهات نظر الآخرين، وهو مفتاح لبناء علاقات قوية ومجتمع متماسك.

مساحة إعلانية