مساحة إعلانية
كانت أوكرانيا تظن أنها تخوض حربًا من أجل الانضمام إلى حلف الناتو والدخول في "حضن أوروبا"، لكنها في الحقيقة كانت تحفر قبرها بيديها. ثلاث سنوات من الحرب، أكثر من 150 مليار دولار خسائر مباشرة، وانهيار اقتصادي بنسبة 30%، وشعب تمزّق بين قتيل ونازح وأسير... وكل ذلك من أجل أمريكا.
الولايات المتحدة لا تخوض حروبها ببنادق جنودها، بل تخوضها ببنادق الآخرين، ثم تحاسب بدقة بالأرقام. وبعد أن تحولت أوكرانيا إلى أنقاض، وقّعت معها أمريكا اتفاقًا على استغلال المعادن النادرة في أراضيها: الليثيوم، والتيتانيوم، والنيوديميوم... كنوز دفينة، أخرجتها أمريكا في مقابل "مساعدة" مدمّرة.
زيلينسكي لم يحضر التوقيع، بل أرسل نائبته لتقوم بالمهمة. لم يكن ذلك هروبًا من الكاميرات، بل هروبًا من لعنة سيحملها التاريخ باسمه.
الاتفاق نصّ على إنشاء صندوق مشترك لإعادة الإعمار بنسبة 50%، أي أن الولايات المتحدة ستمنح أوكرانيا بعض القروض والمعونات، مقابل الاستحواذ على نصف ثروات باطن الأرض!
بهذا، تكون أمريكا قد حصلت على المعادن، وعلى السيطرة الاقتصادية، وعلى الأرباح، دون أن تدفع ثمن الحرب التي أشعلتها. لا حماية، ولا انضمام للناتو، ولا وعود أمنية صادقة... فقط دفاتر محاسبة، ومراسم دفن للاستقلال السياسي والاقتصادي.
ما جرى ليس مجرد اتفاق، بل درس قاسٍ، مكتوب بالدولار وممهور بالدم.
درس يجب أن تقرأه كل دولة تحلم أن أمريكا تحارب من أجل "الديمقراطية" أو "القيم".
فالولايات المتحدة لا تصنع السلام، بل تستثمر في النزاعات، وأوكرانيا كانت أنجح مشروع استثماري لها منذ غزو العراق.
رسالة إلى الدول العربية:
على الدول العربية أن تستيقظ، وألا تنخدع بالشعارات البراقة أو الوعود الغربية المضللة.
فمن لا يتعلم من درس أوكرانيا، سيتذوق مرارته بنفسه.
الاستقلال لا يُشترى، والسيادة لا تُستعطى... ومن يسلم قراره لغيره، لا يملك أن يشتكي من المصير الذي يُفرض عليه.