مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

قراءة فى كتاب احمد ابو تليح الكون 25 ..بقلم محمود رمضان الطهطاوى

2024-12-25 17:14:38 -  تحديث:  2024-12-25 17:16:28 - 
قراءة فى كتاب  احمد ابو تليح الكون 25 ..بقلم محمود رمضان الطهطاوى
الغلاف
منبر

الكون 25 (عودة المجنون ) ورحلة تبسيط المعرفة 

رحل الدكتور مصطفى محمود تاركا مساحة واسعة من الفراغ في مجاله الذي أثرى فيه المكتبة العربية ، والذي دمج فيها بأسلوبه السهل الممتنع بين العلم والأدب، وترك للمكتبة العربية عدد كبير من الكتب والمرئيات المتمثلة في برنامجه الشهير " رحلة العلم والإيمان " ، ولأن مصر ولادة ،وتواصل رحلة العطاء على مر التاريخ ، فأبت أن ينفرط العقد وواصلت رحلة العطاء في هذا المجال الصعب الذي يحتاج لقراءة واعية ،وبحث عميق ، وصبر على جمع المعلومة والأهم تبسيطها وتقديمها للقارئ في قالب مشوق بعيدا عن جفاف المادة العلمية ، وبعيدا عن المألوف المتكرر . 
فقدمت لنا مصر الدكتور أحمد أبو تليح الذي قدم لنا تجربته الأولى في كتابه " ابنك مجنون ياحج " الذي صدر عن دار  دار ديوان العرب للنشر والتوزيع عام 2022م ، والذي خاض فيه تجربته الرائعة تقديم المادة العلمية بشكل أدبي  وبأسلوب مبسط وقد لاقى الكتاب قبولا واستحسانا من القارئ .
ويواصل الدكتور أحمد أبوتليح رحلة العطاء  ليقدم لنا كتابه الثاني من تلك السلسلة العلمية الأدبية الثقافية بأسلوبه الرائع (السهل الممتنع ) ، تحت عنوان الكون 25 وبعنوان بين قوسين ( عودة المجنون ) عن نفس الدار في 2024م ،  رابطا كتابه الثاني بكتابه الأول .
واشهد ككاتب وقارئ عندما جلست مع الكتاب لم استطع التوقف عن القراءة وانتهيت منه في جلستين ، وما انتهيت من الكتاب حتى انفرجت اساريري وهمست فرحا : ها هم أحفاد رفاعة الطهطاوي يواصلون العطاء ، ويضيفون حبة جديدة لحبات عقد الخلود بما يقدمونه من زاد ثقافي أدبي علمي للبشرية . 
في كتابه " الكون25" استطاع الكاتب بمهارة أن يقدم لنا توليفة رائعة بمدخل جاذب رابطا بحنكة ودراية وثقافة واعية بين الحاضر والماضي وهو يدلف بنا للكون من بداياته بقصص وحكايات منفصلة متصلة عن الكون كيف بدأ منذ الغواية الأولى ،وهبوط آدم وصراع قابيل وهابيل، وهلاك قوم قابيل ، مرورا بجميع الأنبياء .
استطاع الكاتب أن يشدنا بقوة لفكرته باختياره الصائب للمدخل بتلك التجربة التي تتماس مع الكون وما يحدث فيه من تغيرات بفعل العوامل المختلفة، فيحدثنا عن تجربة الكون لعالم سلوكيات الحيوان( كالهون ) الذي أجرى تجربة سلوكية على الفئران ما بين عامي 1958و 1962م ولاحظ التحول السلوكي نتيجة الزيادة في عدد الفئران في المساحة المحددة.
واسقط الكاتب بمهارة ووعي وحنكة ، ما حدث للفئران من سلوك على ما يحدث للبشر نتيجة لنفس التغيرات وهي تجربة مثيرة حقا ،وفق الكاتب في طرحها لتكون مدخلا مهما  في دخوله الكون الوسيع .
الكتاب رحلة ماتعة في بطون الكتب والتاريخ ، يستخرج لنا فيها الكاتب كل غريب وطريف من أخبار الكون ، يحدثنا عن النسناس ذلك المخلوق الذي يشبه الإنسان ،وتناولته الكتب والحكايات القديمة النائمة في بطن التاريخ بروايات مختلفة ، ويحدثنا عن مدينة النحاس ، مدينة سيدنا سليمان ،وما ذكر عنها من حكايات غريبة وعجيبة ، أغرب من حكايات ألف ليلة وليلة . 
ويتحدث عن لغز الأرض بحكايات مثيرة ،  ويهدم الكثير من  ثوابت بالأدلة والبراهين ،وهو يغوص في عمق وبطون الكتب يستخرج المسكوت عنه والمهمش عن قصد .
ويدلف بنا إلى لغز الأهرامات حول العالم، فقد يظن البعض أن الأهرامات لا توجد إلى في مصر وأشهرها أهرامات الجيزة ،وإن كان في مصر حوالي 118 هرما ، فتوجد أهرامات في بلدان أخرى غير مصر مثل السودان وكمبوديا وإندونيسيا ،وكانت تستخدم كشبكة لتوليد الطاقة .
وعن لغز اندثار الحضارات ، يغوص بنا الكتاب عبر البحث والتنقيب ليؤكد أن اندثار الحضارات ورد في كل حضارات العالم بروايات مختلفة سواء كانت بكوارث طبيعية أو طوفانا كطوفان نوح ، أو حرائق الخ.
ويواصل الكتاب تقديم الغريب والعجيب والمدهش وهو يغوص في أعماق الكتب وبطونها فيحدثنا عن تحوت المصري الذي هو نبي الله إدريس ، وقصة كتاب تحوت ، وما فيها من عجائب وغرائب تغوص فيها وكأنك في عالم ألف ليلة وليلة بكل أسطوريته وعجائبه .
ويواصل طرح العجيب والغريب وهو ينقلنا إلى متون كتاب هيرميس .
ويقدم لنا الكتاب نماذج من علماء قدموا للإنسانية الكثير وعمروا الكون بفكرهم وتجاربهم ونتاجهم العلمي مثل :جابر بن حيان ، إسحق نيوتن ، نيكولا تسلا.
ثم يخوض في علم الجفر ، علم استنطاق الحروف بعجائبه وأسراره، وعلم الخيمياء ،والسيمياء ، مبسطا هذه العلوم في كبسولة تفتح الشهية للمزيد من البحث والتنقيب عنها في بطون الكتب . 
ويتوقف بنا عند العين الثالثة ذلك الجسم الخفي الموجود في مخ الإنسان ، ويمر بنا لنشاهد انهيار جسر بروتون ذلك الجسر الذي بني عام 1826م ، وبعدها يحدثنا عن طاقة الصوت ،  ولا ينسى أينشتاين الذي كان يطل من غلاف كتابه الأول " ابنك مجنون ياحج " فيحدثنا عن التشابك الكمي وجنون أينشتاين ، ليختم تلك الرحلة في هذا الكون الوسيع الزاخر بالعجيب والغريب .
وهو جهد كبير وجبار من الكاتب الذي أخرج هذا الكتاب على هيئة حوار بينه وبين صديقه المتخيل ، المجنون بالمعرفة والعلم ، الذي يغوص في عمق الكتب ويدلف في بطونها يستخرج  منها الغريب والعجيب من هذا الكون  . 
واعتقد ان جعبة الكاتب الذي لا يكل ولا يمل وهو يبحث في بطون الكتب ،وفي دفتر الإنسانية العامر ، في جعبته الكثير ، وستتوالى الإصدارات المدهشة ، المبسطة لتلك العلوم ،والتي تقدم لنا المعلومة بطريقة سهلة يسيرة ، وبأسلوب أدبي رشيق ، في رحلة شيقة لتبسيط المعرفة ، لينضم الكاتب لقافلة الكتاب الكبار أمثال د.مصطفى محمود ،ود. عبد الرازق نوفل وغيرهما . 

مساحة إعلانية