مساحة إعلانية
لم يعد غريباً أن يسمع المواطن أثناء تعامله مع الجهات الحكومية أو الخاصة جملة “السيستم واقع” تلك العبارة التي أصبحت الملاذ الأول لكل تأخير أو تعطل في تقديم الخدمات. سواء كان الهدف استخراج أوراق رسمية، دفع رسوم أو فواتير، أو حتي الاستفسار عن خدمة معينة يجد المواطن نفسه أمام عائق غامض لا يمكن التحقق منه أو قياسه أو حتي متابعته. فهل هي مجرد أعطال تقنية عارضة أم أنها تهرب ممنهج من تقديم الخدمات خاصة في أوقات الذروة والازدحام؟
إن تعطل الأنظمة الإلكترونية أصبح ذريعة جاهزة تلجأ إليها بعض الجهات لتبرير تراجع كفاءة الخدمات دون أن يكون هناك بدائل عملية تعوّض المواطنين عن الوقت والجهد المهدورين. والأخطر من ذلك أن هذه الأعطال لا تقتصر علي القطاع الحكومي فحسب بل تمتد إلي القطاع الخاص أيضاً حيث تجد بعض الشركات خصوصاً في أفرع تحصيل الفواتير تتعامل مع الخدمات ذات الربح المنخفض بنوع من التكاسل المتعمد تحت ذريعة “تعطل السيستم” مما يؤدي إلي تعطيل مصالح المواطنين وإجبارهم علي الانتظار لساعات طويلة أو العودة في وقت لاحق
هنا يبرز السؤال الجوهري: من يحمي المواطن من هذه “الحجج” التي تسلب التقدم التكنولوجي من معناه الحقيقي؟ وكيف يمكن ضبط آليات العمل لضمان عدم استخدام الأعطال التقنية كذريعة للتقاعس عن تقديم الخدمة؟ من غير المقبول أن يتحول المواطن إلي ضحية “التطور الرقمي” في وقت كان يُفترض فيه أن يكون التقدم التكنولوجي وسيلة للتيسير والسرعة لا أن يكون عقبة جديدة أمام قضاء احتياجاته الأساسية
لابد من وجود آليات رقابية صارمة تلزم الجهات المعنية بتقديم توضيحات رسمية ومحددة عند وقوع الأعطال مع تحديد فترات زمنية لإصلاحها وتوفير بدائل عملية لاستمرار تقديم الخدمة. كما يجب علي الجهات الرقابية التدخل للتحقيق في تكرار الأعطال في أوقات معينة وضمان عدم استغلالها كوسيلة للتهرب من أداء الواجبات
من غير المقبول أن يُعاقب المواطن بالتطور أو أن يصبح “السيستم واقع” شماعة يعلق عليها البعض تقاعسهم عن العمل. التكنولوجيا يجب أن تكون نعمة تُسهل الحياة لا نقمة تضيف أعباءً جديدة علي المواطنين