مساحة إعلانية
وقاحة مستمرة من تل أبيب لتصفية القضية الفلسطينية ومصر ثابتة على موقفها
تسعى دولة الإحتلال مدعومة من الإدارة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية بأي ثمن، تارة بالحرب و آخرى بمقترحات التهجير، وأخيراً بمقترح تولي مصر إدارة قطاع غزة.
وقد سارعت القاهرة بالتأكيد على رفضها مقترح توليها إدارة قطاع غزة لفترة من الفترات، مؤكدة على تمسكها بـ ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وكان الرد السريع و الفصل هو موقفها كما كانت مواقفها السابقة، التي تصدت من خلالها لتصفية القضية الفلسطينية.
ويعود مقترح تولى مصر إدارة قطاع غزة، لـ زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي أعلن عنه في واشنطن وذلك في "جلسة نقاشية أمام مؤسسة FDD للأبحاث والتي تعد منصة بارزة في دعم سياسات إسرائيل في واشنطن"، و يشمل بند بتولي مصر مسئولية إدارة قطاع غزة لمدة ثمان سنوات مقابل إعفاء مصر من الديون الخارجية.
ويتلخص مقترح زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، في أن تتولى مصر مسئولية إدارة قطاع غزة لمدة ثماني سنوات، مع إمكانية التمديد إلى خمس عشرة سنة، وفي الوقت نفسه يتم سداد الدين الخارجي لمصر من قبل المجتمع الدولي وحلفائها الإقليميين.
وخلال ذلك ستقود مصر قوة سلام بالشراكة مع دول الخليج والمجتمع الدولي لإدارة غزة وإعادة بنائها،و خلال هذه الفترة أيضا، سيتم تهيئة الظروف للحكم الذاتي في غزة، وسيتم الانتهاء من عملية نزع السلاح الكامل من القطاع، كما ستكون مصر اللاعب الرئيسي والمشرف على إعادة الإعمار، مما سيعزز اقتصادها.
وتضمن اقتراح لابيد أيضاً، إتمام وقف إطلاق النار الحالي حتى مرحلته النهائية مع إطلاق سراح جميع الرهائن، وأن تبقى إسرائيل في مواقعها الاستراتيجية، فيما يتم تولي مصر السيطرة على قطاع غزة، عبر قرار من مجلس الأمن الدولي، يتضمن إدارة الأمن والشئون المدنية، حيث سيتم تحديد هذه السيطرة على أنها وصاية بهدف تسليم غزة إلى السلطة الفلسطينية خلال فترة تتراوح بين 8 إلى 15 عاماً بعد تنفيذ إصلاحات وإزالة التطرف.
ثم بدء عملية إعادة الإعمار تحت إشراف مصر، بمشاركة السعودية ودول اتفاقيات إبراهيم، وبدعم الولايات المتحدة في الاستثمارات، كما يتضمن المقترح أيضاً ضمان حرية مغادرة سكان غزة لمن يرغب منهم ولديه وجهة محددة، بطريقة منظمة.
وأشار لابيد خلال المقترح أيضاً إلى ضرورة منع تهريب الأسلحة إلى غزة، وتدمير الأنفاق وباقي البنية التحتية للإرهاب في القطاع، بجانب إنشاء آلية أمنية مشتركة بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة لمعالجة التهديدات الأمنية الفورية.
وقد أوضح لابيد خلال تصريحاته، أن هذا الحل له أساس تاريخي، حيث حكمت مصر غزة لمدة ثماني سنوات من عام 1948 إلى عام 1956، ومرة أخرى لمدة عقد من عام 1957 إلى عام 1967، حيث تم ذلك بدعم من جامعة الدول العربية، وبفهم أن هذا كان حلاً مؤقتاً، حيث كانت مصر تمارس وصاية على غزة نيابة عن الفلسطينيين، ولم تكن تحتل القطاع.
فيما أكد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد ، أن هذا الإقتراح لا يتعارض مع فكرة الرئيس ترمب بأن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي سيعيدان بناء غزة، بل على العكس، فإنه يخلق الظروف اللازمة لإعادة الإعمار.
والمثير في الأمر، أن هذا الطرح لم يكن الأول من نوعه، فقد سبق وطالبت دولة الإحتلال و الولايات المتحدة الأمريكية، أن تقوم مصر بالوصايا على حكم غزة، أكثر من مرة، وفي كل مرة أكدت القاهرة رفضها لهذا الطرح جملة وتفصيلاً، ولعل ما يختلف كل مرة، المغريات المقدمة لقبول هذا المطلب.
وما يؤكد ذلك هو طرح وليام بيرنز مدير الاستخبارات الأمريكية " CIA" و نائب وزير الخارجية الأمريكي السابق، عقب عملية 7 أكتوبر بـ شهر واحد ، اقترح على القيادة المصرية أن تتولى مصر السيطرة على قطاع غزة لمدة 6 أشهر، تقوم خلالها بـ إنشاء أو إنتخاب حكومة تكنوقراط من الفلسطينيين، مقابل حصول مصر في ذلك الوقت على 3 مليار دولار، وهو المقترح الذي رفضته مصر شكلاً و موضوعاً، كما أكدت القيادة المصرية في ذلك الوقت أن من يسيطر على قطاع غزة هي السلطة الفلسطينية، بجانب التمسك بأن القرار المصري لا يشتري، مهما كان الثمن.
ولعل الرفض المصري للمقترحات من هذا النوع مع اختلاف طرحها على القيادة المصرية، يرتبط بعدة أسباب جوهرية، أن مصر ترفض تصفية القضية الفلسطينية رفضاً باتاً، حيث ترى القاهرة أن السيطرة أو الوصايا لفترة زمنية سواء كانت قصيرة أو طويلة تعتبر محاولة بائسة لتصفية القضية الفلسطينية، والقضاء على حل إقامة دولة فلسطينية مستقلة كما يطمح الفلسطينيين.
كما أن مصر تعلم أن هذه المقترحات ما هي إلا خطوة في المخطط الكبير الذي يسعى لقيام مصر بالسيطرة على غزة، ومن ثم سيطرة الأردن على الضفة الغربية، وهو ما يقضي على فكرة إقامة دولة فلسطينية، وأيضاً يكون خطوة أولى لتنفيذ دولة الإحتلال حلم التوسع، عن طريق الاصطدام بكلا البلدين، عقب صناعة زرائع من أجل ذلك.
والخلاصة أن مصر، حرصت طول الوقت على صون القضية الفلسطينية، كما أنها لم تتخل يوماً عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وبجانب هذا وذاك، فإن مصر أيضاً يقظة بكل قدراتها لحفظ أمنها القومي واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها من أقصى الشرق لأقصى الغرب و نفوذها وسيادتها قائمة شمالاً وجنوباً، ولن تنجح المحاولات سواء بـ إغراءات إقتصادية أو امتيازات أو حتى بأساليب التهديد.