مساحة إعلانية
كتب- سيد طنطاوي:
ظهرت على الساحة دعوات من نحو الندم على تأييد الضربات الموجعة التي وجهتها المقاومة الفلسطينية للكيان الصهيوني، باعتبار أن القصف الصهيوني للمدن الفلسطينية أسفر عن الكثير من الضحايا.
ورغم سذاجة هذا الطرح، كونه فيما معناه يريد جعل المقاومة محلك سر، لا تقاوم ولا تكون حتى مجرد رد فعل، ثم إن أصحاب هذا الرأي لم يسألوا أنفسهم لماذا لا يوجهون هذا الطرح الخبيث للاتجاه الآخر، ولماذا تعتدي إسرائيل من الأساس.
هذه الدعوة فيها خط لو امتد على استقامته سيصل في نهايته إلى كلمة الرضا بالاحتلال والتنازل على الأرض.
ومن قال إن الحرب جميلة، بل هي ذميمة منذ القدم، وقال عنها وهير بن أبي سُلمى في معلقته:
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً
وتَضرَ إذا ضريتموها فتضرمِ
فتعرُككم عَرْكَ الرَّحى بثفالِها
وتلقح كِشافا ثم تنتجُ فتُتمِ
هذه هي الحرب منذ العصر الجاهلي لها خسائرها.
الغريب أن بعض أصحاب هذه الدعاوي، ربما لو عاشوا منذ 50 عامًا، لخرجوا في مظاهرات مضادة ترفض الحرب، وبدلًا من هتاف: "هنحارب" لقالوا "مش هنحارب"، ورفضوا حرب إعادة الأرض باعتبار أنه سيكون فيها شهداء.
خلاصة القول إن مقاومة الصهاينة حق ولو مات كل العرب، والتفريط في أرض فلسطين خيانة ولو فرط كل العرب.
الآن أمريكا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا كلهم أيدوا الإجرام الإسرائيلي، أيدوا قطع المياه والكهرباء عن غزة، وواشنطن قدمت أكبر حاملة طائرات للاحتلال، وقدمت أموالًا بلا آخر لتنقذهم، لكن البُعد الاستراتيجي الواضح الآن أن إسرائيل هشة، ركبها الرعب من تعداد ألف مقاوم، وهي التي تملك العتاد، وهرعت تطلب التأييد من أذناب الشر في العالم أجمع.
ثبت يقينًا أن كل الدراسات والتحليلات الاستراتيجية التي صدرت خلال العقد الأخير والتي تقول إن تل أبيب لم تعد في حاجة إلى واشنطن، إنما كانت محاولة للنصر الكلامي، إذ يمكن تصنيف هذه التحليلات على أنها مدفوعة الأجر صهيونيًا، وأنه كان هدفها هو ما ذهب إليه البعض الآن من اليأس الندم على تحقيق بطولة للمقاومة باعتبار أن رد الفعل كان عنيفًا، ويبقى السؤال: منذ متى تخلت إسرائيل عن العنف وهي آلة القتل.
المقاومة حق
المقاومة حق
المقاومة حق