مساحة إعلانية
في بادئ الأمر انظروا إلى هذه القصيدة الرائعة لأحد أساتذتنا الشعراء العراقيين رحمه الله رحمة واسعة وما بها من أخطاء عروضية يضيق عنها الصدر ولكن تعاطف معها الناس لمعانيها الراقية وكلماتها المؤثرة وشهرة الشاعر التي شفعت له وجعلت الكل يدافع عنه بدون فهم أو علم ولقد استمعتها على اليوتيوب قديماً مع الشاعر الكبير / مصطفى هاشم الجابري وكررناها نحواً من عشرين مرة على جلسات متقطعة فنطقها الشاعر بلسانه كما هي مكتوبة الآن ثم أشهدت عليها أسطورة العروض والقافية الأستاذ / خالد بن عبداللطيف أبومازن الجابري الجابري سيبويه العصر فأقر صحة قولي وهاهي الأخطاء العروضية سأبسطها لك بالفصحى والعامية حتى نفهمها سوياً مع بعضنا البعض ولكن دعنا نقرأ أبيات القصيدة أولا
يقول الشاعر / كريم العراقي صاحب الفيديو والقصيدة
وإن شكوتَ لمن شكواكَ تُسعِدهُ
أضفتَ جُرحاً لجرحِكَ إسمه الندمُ ..
من يندب الحظ يطفئ عين همته
لاعين للحظ إن لم تبصر الهممُ
فداس قلبي وكان القلب منزله
فما وفي لخل ماله قيمُ
عدالة الارض مذ خلقت مزيفةُ
والعدل في الأرض لاعدل ولاذممُ
والخير حمل وديع خائف قلق
والشر ذئب خبيث ماكر نهمُ
كل السكاكين صوب الشاة راكضة
لتطمئن الذئب إن الشمل ملتئمُ
كن ذا دهاء وكن لِصاً بغير يدِ
ترى الملذات تحت يديك تزدحمُ
المال والجاه تمثالان من ذهب
لهما تصلي بكل لغاتها الاممُ
والاقوياء طواغيت فراعنة
واكثر الناس تحت عروشهم خدمُ
في البيت الأول يقول الشاعر في الشطرة الثانية
أضفت جرحا لجرحك إسمه الندم
كان بإمكان الشاعر لكي تُضبَط هذه الشطرة عَروضياً أن يغير كلمة جُرحاً ويستعيض عنها بكلمة أخرى ولتكن هذه الكلمة مثلا كلمة ( أليماً ) بدلاً من ( جرحاً ) لتضبط الشطرة صحيحة على نغمات أوزان تفعيلات بحر البسيط بوزن مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن وتكون الشطرة هكذا
( أضفت جُرحاً أليما إسمه الندمُ )
في الشطرة الثانية من البيت الثاني يقول الشاعر
( من يَندبِ الحظَّ يطفئ عين هِمَّتِهِ )
وهنا وقع الشاعر في خطأين.. الأول إعرابي والثاني عروضي والخطأ الثاني أوقعه فيه الخطأ الأول ، فأما الخطأ الإعرابي فإنه نطق كلمة ( يطفئ ) مضمومةً في آخرها مع العلم أن أول الشطرة جاء الشاعر بحرف ( من ) وهو حرف أداة شرط تجزم فعلين من الفعل المضارع فحرف ( من ) جَزَمَ أولاً فعل (يندب) ووجب أن يُجزَمَ بعده جواب الشرط وهي كلمة ( يطفئ ) وهنا وجب علي أن أنوه على شيء مهم..، في العروض إذا التقى ساكنين أُشبِعَ الأول بالكسر ، فكلمة الفعل ( يندب ) مجزومة ولكي تُسَكَّن ( ال ) التعريف في كلمة ( الحظ ) ليتحقق من ذلك النغم العروضي وجب إشباع حرف ( الباء ) المجزوم في كلمة ( يندب ) بالكسر وهنا لكي تُضبَطَ الشطرة إعرابيا وعروضيا لابد من حذف الهمزة من كلمة يطفئ حتى تصير الكلمة والشطرة صحيحتان على نغمات أوزان تفعيلات بحر البسيط هكذا
من يَندُبِ الحظَّ يطفي عَينَ هِمَّتِهِ.
في الشطرة الثانية من البيت الثالث قال الشاعر
فما وفي لخل ماله قيم
ولكي تضبط عروضيا تبدل كلمة وفي وتكون وفائي هكذا
فما وفائي لخل ماله قيم.. أو
فما الوفاء لخل ماله قيم
في الشطرة الأولى من البيت الرابع قال الشاعر
عدالة الأرض مذ خلقت مزيفة
فكلمت خلقت جاءت بالتدمير الشامل عَروضياً لهذه الشطرة وكان على الشاعر أن يجمع كلمة مرادفة أو تخدم المعنى كأن يقول عدالة الأرض مذ جاءت أو مذ كانت إلخ..
في الشطرة الأولى من البيت الخامس قال الشاعر
والخير حمل وديع خائف قلق
كلمة حمل لو أنها تنفع مسكنة الميم يصير كلام الشاعر صحيحا ولكن على حد علمي أن كلمة حمل مفتوحة الميم ولو أن اعتقادي يحالفه الصواب أصبحت الشطرة لا تمت لبحور الشعر من الأساس
الشطرة الثانية من البيت السادس قال الشاعر
لتطمئن الذئب أن الشمل ملتئم
لكي تضبط عروضيا فلابد من حذف حرف اللام من كلمة لتطمئن
في الشطرة الثانية من البيت السابع قال الشاعر
ترى الملذات تحت يديك تزدحم
أساساً هذه الشطرة مضروبة بالنار والإنعاش مش هيلحقها
في الشطرة الثانية من البيت الثامن قال الشاعر
لهما تصلي بكل لغاتها الأمم
الشطرة دي بالذات والله حرام تنسب لبحر البسيط ، عشان تعدلها لازم تغير ثلاث كلمات من أصل خمسة
الشطرة الثانية من البيت التاسع قال الشاعر
وأكثر الناس تحت عروشهم خدم
لكي تضبط عروضيا هذه الشطرة لابد أن تغير منها بعض الكلمات ولتكن الشطرة مثلا بعد التعديل هكذا
وأكثر الناس في سلطانهم خدم
أو
وأكثر الناس في أموالهم خدم
أو أو أو .... المهم يسئل الشاعر وأي شاعر في هذا ، فعليه أن يعمل قريحته ليجمع كلمات بليغة تفيد المعنى وتخدم المضمون وتفي بالغرض على هذا الوزن أو غيره
قد يقول قائل ولكنني أجد أن الشطرة رائعة كما قالها الشاعر ، حينها أقول له وأنا مثلك أجدها رائعة لكننا يا صديقي نحن مقهورون تحت الأحكام والتعليمات لأوامر علم العروض والقافية التي لا شفاعة فيها لحرف زائد أو حركة نافلة وأن الخضوع لأوامره ونواهيه أمر قهري وإلا فاخترع لنا ولك بحوراً غير هذه البحور وسهل لنا قوانينها وأرجو كذلك أن لا يأخذ أحد كلامي هذا على أنه تطاول على أستاذنا القدير الشاعر / كريم العراقي رحمه الله رحمة واسعة ويجزيه عنا خير الجزاء على مامتعنا به من معان سامية ومشاعر جياشة في كل قصائده ولكنني أسرد حقائق عروضية سواءً أكانت عليه أو علي أنا شخصياً