مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب: الأصنام لم تعد أحجاراً

2025-05-15 02:18:39 - 
الشاعر الدكتور مصطفي رجب يكتب: الأصنام لم تعد أحجاراً
الشاعر الدكتور مصطفي رجب

الرصيد من المال لدى بعض أهل عصرنا  والتفكر في زيادته ليل نهار .. صنم ، ولكنه ليس حجرا ،  والحزب السياسي .. صنم !!  والنادي ، والنقابة ، والتيار الفكري ، وجاموسة الفقير .. صنم !! 
والفيس بوك .. صنم !! والحاسوب... صنم !! و... و... كل تلك أصنام عصرية . مادام كل منها يأخذ من صاحبه اهتماما ووقتا وتفكيرا ومراقبة ، أضعاف ما يأخذه الرب تبارك وتعالى .
والشرك بالله تعالى له صور متعددة ، إحداها : عبادة الأصنام ، والأصنام والأوثان أحجار منحوتة على صورة الإنسان أو الحيوان كان الناس فى جاهليتهم يتقربون إليها بالهدايا والتبتل والتبجيل اعتقاداً منهم بأنها آلهة فى حقيقتها ، أو أنها على صورة الإله الذى يتخيلونه ولا يرونه .
والعبادة الخالصة معناها : اليقين بان المعبود هو وحده الخالق / المصور النافع الضار القادر على كل شيء ، فإذا اعتقد إنسان بأن هذا الصنم هو خالقه ورازقه وأنه يستطيع أن ينفع هذا الإنسان ويضره ، صار هذا الصنم – فى مفهوم من يعبده – إلهاً جديراً بكل تقديس وإجلال وعبودية ، ولما كان الصنم المنحوت – بيد البشر -  لا ينفع ناحته ولا يضره ، فالطبيعى أن من يفعل هذا الفعل يكون سفيه العقل ، عليل التفكير ، ضعيف الرأى ، عاجز الفكر ، ولو بلغه أن الله تعالى هو خالق البشر والحجر ثم لم يعبده فإنه يكون كافراً بالله تعالى . وهذا المعنى هو ما استقر منذ بعثة النبى صلى الله عليه وسلم ، غير أن الإسلام تطلَّب من أتباعه متطلبات أخرى ، غير ترك عبادة الأصنام وإفراد الله تعالى وحده بالعبودية ، وهذه المتطلبات تنحصر فى التسليم لله تعالى – وحده – بالقدرة والرزق والنفع والضر وقبل هذه الصفات : بصفة الخلق والإيجاد من عدم . وعلى هذا الأساس فإن هذه المتطلبات تستلزم بالضرورة الإيمان الخالص بالله وحده : خالقاً ، رازقاً ، نافعاً ، ضارًّا ، قادرًا .
 وجاء فى القرآن الكريم " أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ " ( سورة الزمر / 3 ) والذى يقرأ فى سورة يوسف قوله تعالى " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ  " ( سورة يوسف / 106 ) يشعر بقلق كبير فكيف يجتمع الإيمان والشرك معاً فى القلب الواحد والوجدان الواحد ؟ وظاهر النص الشريف يشير إلى معنى يمكن أن نلمسه فى حياتنا الحديثة ، فالانتماء إلى تجمع من التجمعات أو نقابة أو كيان أو تيار أو حزب أو اتحاد .... محفوف بالمخاطر ، إذا بلغ ولع المنتمى بالجهة التى ينتمى إليها حدَّ التعظيم والتقديس والولاء والولع والإجلال لدرجة تنقيص قدر من يخالفها ، أصبح هذا الانتماء يمثل خطراً عقيدياًّ على صاحبه ، لأن مناط تلك المشاعر كلها يجب أن يكون مقصوراً على المعبود بحق سبحانه وتعالى ولا يصح أن يشرك المؤمن بالله مع الله تعالى شيئاً سواه حتى يكون مؤمناً موحداً حقاًّ .
ومن هذا المنطلق ، نستطيع أن نتبنى وجهة نظر جديدة فحواها أن التماثيل التى كانت البشرية تتخذها آلهة فى طفولة العقل الإنسانى وباكورة شبابه ، لا يمكن اتخاذها آلهةً فى زماننا هذا بحكم نضج العقل الإنسانى وتطوره ، فوجودها ليس مناطاً للإشراك بالله تعالى ، بل الشرك فى عصرنا يتخذ صوراً حديثة بديلة لتلك الأصنام لا تخفى على أحد . وهي تلك الصور التي بدأنا بها هذا المقال .

مساحة إعلانية