مساحة إعلانية
القوافى قد لا تتحلى بالجناس ، فلا تشترك سوى فى حرف الرّوىّ ، وهو الحرف الأخير من القافية ، كما فى الشطرين الأول والثالث فى قولهم :
كيد النِّسا يشبه الـــكَىّ
من مـكرُهم عُدْت هارب
يتحزّموا بالحَـــنـش حـىّ
ويتــــعـــصّــبوا بالعــقارب
*
علما بأن الجناس كان مظهرا من مظاهر الفنون الشعرية غير المعربة ، إذ الناظم يعطى الجناس أهمية كبيرة قبل المعنى مع البعد عن ظاهرة " الإيطاء " ، التى تضعف شعره ، و يقصد بالإيطاء أن تكون القافيتان المتشابهتان متطابقتين لفظا ومعنى ، مثل قولهم
والله الدراهم عا تنفع
عا تجيب بِلّ وْ غنيمة
والصاحب اللى ما ينفع
البُــعد عنّـه غنيــمة
*
فهنا (تنفع) و (ينفع ) متفقتان لفظا ومعنى
وإن من يتجاهل خصوصية الثقافة لإقليم معين يكون كمن أسقط من حسابه روح الإنسان ونفسه وتاريخه
فمثلا فن الواو لا يُترجم إلى لغة غير لغته ، وهو التقاء وجدان الفرد بوجدان الجماعة الإنسانية فى شعور واحد
بعيدا عن التقوقع فى كهوف العبثية اللفظية والصور المتشظية والتحليق فى متاهات التجريب المظلم ، حيث كل ذلك يجعل سمات الفقر واضحة فى الكثير من النتاج الشعرى ..
فقد يكون الشعراء متمكّـنين من أدواتهم ، ولكن غير متمكّـنين من رؤاهم ، فالفرق بين
شاعر وشاعر ، يكمن فى الرؤية الشعرية والأسلوب ، وتتجلّى قدرة الشاعر الإبداعية فى إيجابية ألفاظه وقدرته على تصوير الحدث فى كلمات موجزة ، تشع بالحركة والحيوية …
( يتبع )
من كتاب "ماذا تعرف عن فن الواو" الصادر عن سلسلة نشر طيوف