مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

الكاتبة همت مصطفى وحوار مع مبدع إنسان مع الكاتبة والناقدة دعاء عبد المنعم

2025-05-16 02:12:07 - 
الكاتبة همت مصطفى وحوار مع مبدع إنسان  مع الكاتبة والناقدة دعاء عبد المنعم
حوار مع مبدع إنسان

"حين يكون الحبر مرآة للروح، والنقد مرآة للزمن"

المقدمة:

في زحام العابرين، ثمة مَن لا يمر مرور الكرام، بل يترك أثرًا في الروح قبل الورق... هي ليست فقط كاتبة، ولا مجرد ناقدة تفتش في النصوص عن المعنى، بل قارئة عميقة لما وراء الحبر... لما تخفيه الأرواح وتشي به التفاصيل.

دعاء عبد المنعم، صوتٌ نسائي ينتمي إلى جنوبٍ عتيق، لكنه لا يُجيد الصمت.

كتبت القصيدة والقصة والمقال، ونقّبت في النصوص كما تنقّب الروح في ذاكرتها عن لحظة صدق.

حازت جوائز متعددة، لكنها لم تَستَكن لبريقٍ عابر، بل واصلت الحفر في المعنى واللغة والإنسان.

في هذا الحوار، نحاول أن نُصغي لها... لا بصفتها "الناقدة"، بل الإنسانة التي تُرمم جراحها بالكتابة، وتُهدهد فوضاها بالحبر.

نقترب من وجعها الشخصي، ومن رؤيتها للمشهد الثقافي، ومن تأملاتها الحرة في وطنٍ لا يكفّ عن الاختبار.

المحور الأول: ملامح البداية

* بدايةً، كيف تُعرّفين نفسكِ للقراء؟ وما أبرز محطاتكِ ومؤلفاتكِ التي تعتزين بها؟

**أولًا كل الشكر لك صديقتى الغالية - أعرف نفسى للقراء دعاء عبد المنعم محمد قارئة نهمة ، قادها عشقها للكتاب لأن تكون كاتبة - صدر لى ثمانية كتب ما بين الشعر نثر العامية والفصحى ومجموعة قصصية للكبار وأخرى للأطفال وكتاب فى الدراسات النقدية - أبرز محطاتى عندما ذهبت لمكتبة قصر ثقافة بنى سويف للمرة الأولى لأنى قرأت معظم تلك المكتبة الضخمة بمعظم فروعها - الكتب التى اعتز بها ديوانى " النفى خارج الروح " والذى حصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية فى المسابقة الأدبية المركزية - كذلك أعتز بمجموعتى القصصية للأطفال والتى فتحت شهيتى للكتابة للطفل ودخول عالمه الساحر

* أول صورة تستدعيها ذاكرتكِ حين تعودين إلى الطفولة؟

**أول صورة تستدعيها ذاكرتى حين أعود للطفولة هى صورة والدى رحمه الله وهو عائد من عمله حاملًا ما لذ وطاب من الأطعمة والحلوى وأيضًا الكتب والقصص والمجلات لي ولأخوتى

* والدكِ كان أول من احتفى بكِ قارئة وكاتبة، كيف تصفين أثره في تشكيل وعيكِ الثقافي؟

**والدى رحمه الله كان رجل فائق الثقافة رغم حصوله على قدر قليل من التعليم ولكنه كان مستمع جيد لكل برامج الإذاعة كذلك كان يحيط نفسه بعدد غير قليل من الأصدقاء متنوعى الثقافة ، كان فى قمة سعادته عندما كان يرى شغفى بالكتب ، فأصبح ينمى ذلك الشغف بإحضار المزيد منها ، ولم يكتفى بذلك بل كان يحاورنى فيها وينادينى لأحكى لأصدقاء العائلة لأقص عليهم بعض من قراءاتي ، وزادت سعادته عندما وجدنى أكتب تأليفى الخاص ، وشجعنى قائلًا : " أنا عارف بإذن الله سيأتى الوقت الذى يكتب فيه اسمك على كتب تليق أن تقرأ ويعتز بها ، وقد كان الحمد لله فأهديت ديوانى الأول لأبى " الرجل الحقيقى فى حياتى "

* بين الطفلة التي بدأت تكتب في العاشرة، والكاتبة التي تكتب الآن... ما الذي بقي ثابتًا؟ وما الذي كسره الوجع؟ وهل مرّت بكِ لحظة خفت فيها وهج الكتابة؟ كيف استعادتكِ الكتابة من الحياة حين أوشكتِ أن تُطفئي؟

*الشيء الذى ظل ثابتا فى جميع مراحل حياتى ككاتبة هو أن أكتب نفسى ، فقد حرصت أن أكتب بطريقتى الخاصة وصوتى الخاص وإلا أكون صوتا مكررا لكتاب آخرين مهما كانت عظمتهم ، من المؤكد أنى استفدت من تجارب غيرى وخبرتهم ولكنى كنت على حظر من الوقوع فى فخ التقليد والتأثر - الوجع كسر إحاسسى الدائم بالأمان ، أمان أن أحباءك سيظلون للأبد بلا فقد أو رحيل أو تغيير - مرت لحظات خفت فيها وهج الكتابة ، فقد جاء وقت شعرت أنى أكرر نفسى ، ولكنى عالجت ذلك بالصبر وإلا أستسلم لشرك أن أكرر تجاربى فى الكتابة - نعم استعادتني الكتابة للحياة  أكثر من مرة ، فالكتابة ساعدتنى على مقاومة ضعفى ومقاومة أوقات كثيرة رغبت فيها بالرحيل وترك كل شيء ، فى تلك الأوقات العصيبة منحتنى الكتابة متنفسا ، بعدا آخر لوجه الحياة ، وخلق نوافذ تعبر بها للآخرين .

المحور الثاني: تعدد الأصوات وتنوع المسارات

* هل كان الأدب لكِ ملاذًا أم ساحة مواجهة؟ وهل كنتِ تكتبين لترمّمي ذاتكِ، أم لتُربكي صمت العالم؟

*فى البداية وفى لحظات عديدة ومتفرقة من حياتى كانت الأدب ملاذا ، ثم أصبح ساحة مواجهة ، خاصة بعدما تعبر الحواجز ويصير كتابك المفضلين أصدقاء تقرأهم هم ذاتهم بقوة ، - علمتنى القراءات المتعددة فى عدة ثقافات المواجهة ، فلا تغيير إلا حين تصبح الكلمة فعل وعقيدة وغاية - كنت أكتب لأترك أثرى ، لأعبر عن ذاتى ووجودى أنا وآخرين يشبهوننى ، أكتب لأخبر العالم أننى هنا ، روح عبرت على ذلك الطريق

* تكتبين الشعر والقصة والمقال وتخوضين النقد... كيف تتعاملين مع هذه الأصوات المتعددة داخلك؟

**أكتبهم أو لنقل أحاول كتابتهم لاعتقادي أنى قرأت  كثيرًا فى كل تلك الفروع  ، وكما أنها فروع متعددة كذلك للأديب رؤى وتجارب متعددة ، وبعض التجارب تفرض طرق كتابتها ، على سبيل المثال هناك رؤيا أو فكرة تعرف أنك لن تملك بناصيتها إلا بكتابتها على شكل قصة ، هناك فكرة أخرى تعبر عنها بارتداء ثوب القصيدة - المقال والدراسات النقدية جاءت بداية من تشجيع أبى لنا من الصغر على الحوار وعلى أبداء آرائنا ، فتعودت أن تكون لى وجهة نظر ، صقلتها بالقراءة فى المناهج التطبيقية والكتب النقدية وأعمال كل ما تعلمته من فروع مختلفة فى قراءة النص أيًا كان نوعه ، فهناك نص تساعدك معرفتك بالفن التشكيلى مثلا على خوض بحاره والقبض على مفاتيحه ، وهناك نص آخر يقرأ بمعرفتك بالكتب والمعاجم الخاصة بالصوفية والمتصوفين ، فى النهاية كل صوت له وقته الذى تستدعيه الحالة الإبداعية .

* ما الذي يجعل نصًا ما يستفزّكِ لكتابته نقدًا؟ أهو الجمال أم الغضب؟

**فى الكثير من الأحيان يكون جمال النص وتفرده هو ما يستفزنى للكتابة عنه ، لكن فى أحيان أخرى يحركنى الغضب ، على سبيل المثال فى الكتب والروايات التى تحتوى على مغالطات تاريخية أو دينية أكتب عنها نقدًا ليفند ويصحح تلك المغالطات

* من واقع خبرتكِ وجوائزكِ المتعددة في النقد، ما الذي يصنع العمل النقدي الناجح؟

**الذى يصنع العمل النقدى الناجح هو الحيادية والنزاهة ، والإلمام بمفردات اللغة وتشكيلاتها ، والتعامل مع النص كنص وحيد للكاتب دون أن يكون للناقد حكم مسبق ،على سبيل المثال هناك نقاد ينقدون النص على اعتبار أن كاتبه كتب العديد غيره ونال نجاح وشهرة فيأتى نقدهم متأثر بمجمل المقال ، لكننا حين نبعد الأهواء ونلم بأدواتنا النقدية ونحدها ونطورها ، ونحاول التعامل مع النص بعيد عن كينونة صاحبه ، بالتأكيد ستخرج لنا كتابات نقدية مفيدة وفارقة

* حصلتِ على جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن نص "ثورة شمس" في جائزة علاء الجابر، كيف أثّر هذا التكريم على مساركِ المسرحي؟

**اثر تأثيرًا إيجابيًا ، فقد أصبحت أمتلك الثقة فى كتابة دراسات نقدية أخرى فى المسرح ، بل جعلنى أجرب قلمى فى كتابة أولى مسرحياتى للأطفال

* أول جائزة نلتِها في المرحلة الإعدادية، كيف شكّلتك؟ وهل الجوائز ما زالت تلمسكِ كما في البداية؟ وماذا عن آخر جائزة في مسرح الطفل؟ كيف كان وقعها؟

**أول جائزة فى المرحلة الإعدادية أسعدتنى بقدر كبير جدا ، كما أسعدت أسرتى ، أدركت وقتها أنى أمشى فى اتجاه صحيح وأن هناك أرتباط إيجابى بينى وبين الكتب التى حققت لى السعادة الذهنية وكذلك أسعدت الجائزة والدى وأخوتى وأصدقائى - مازالت تلمسنى ولكن ليست بذلك القدر ، ما يسعدنى أكثر عندما أنال جائزة فى مجال جديدة عن ما نلته سابقًا - آخر جائزة فى مسرح الطفل أسعدتنى جدًا لأنى من فترة كبيرة كنت اتمنى الكتابة للطفل ولكنى كنت أحجم لأنه سهل ممتنع ، فالطفل صاحب ذكاء مغلف بالبراءة ، لا تستطيع أن تتعامل مع عقله باستهانة ، كذلك طفل اليوم واسع الاطلاع متفتح المدارك ، فكونى حصلت على جائزة فى مسرح الطفل ، والمسرح كما يقولون هو أبو الفنون ، ذلك أعطانى دعما كبيرا وطاقة جديدة لمواصلة الطريق لتجارب أخرى

المحور الثالث: النقد والنقاد

* لماذا يخشى بعض الكُتّاب من النقاد؟ وهل لهذه الخشية ما يُبرّرها؟

**بعض الكتاب للأسف يعتمدون على رأى أصدقائهم ومحبيهم فقط ، فعندما يواجهون كتابة جادة يدخلهم شعور وهمى بأنه قلم مسنون لهدمهم هم شخصيًا ، ولكن فى رأيى الشخصى النقد البناء مفيد فى كل الاحول ، يعرفنى ككاتب على نقاط قوتى لأازيدها وأدعمها ويعرفنى على مناطق ضعفى ككاتب فأصحح أدواتى وأكملها ، هذا فى حالة أن يكون الناقد يمتاز بالنزاهة والحيادية ويمتلك أدوات نقدية سليمة

* كيف ترين حال النقد الأدبي اليوم؟ وهل ما زال له دور توجيهي فعّال؟

**أزعم أنه يوجد حراك نقدى جيد ويوجد وجوه وأقلام جديدة وهامة على الساحة الإبداعية - نعم مازال له دور توجيهى هذا فى حال  أن كان الكاتب والمبدع صادق مع نفسه ويرغب فى تطويرها ، لكن للأسف هناك آخرون لا يرغبون سوى بسماع التصفيق ، معطين ظهرهم لأى نقد ويرون أنه انتقاص منهم

* في رأيك، ما صفات الناقد الحقيقي؟ وما الذي يُفقده مصداقيته؟

**الناقد الحقيقى يجب أن يمتلك حيادية ونزاهة ، وأن يكون قارئا جيدا ومشاهدا جيدا للفن بكل فروعه وليست الكتابة فقط - الناقد يفقد مصداقيته عندما يدخل أهوائه الشخصية فى كتابته عن نص أو يدخل علاقته بصاحب النص ، هنا تصبح الكتابة موجهه عاطفيًا ، وذلك أسوأ أنواع النقد

المحور الرابع: من نوادي الأدب إلى الفعل الثقافي

* نادي أدب بني سويف كان جزءًا من رحلتكِ، كيف أسهم في تطويركِ؟

**بالفعل كان نادى أدب بنى سويف جزء هاما جدا فى رحلتى ، فهناك عرفت معنى كلمة ورشة إبداعية ، وأن تستمع لكاتبات أخرى لكتاب آخرين ، فأصبحت تعرف كما يقولون " أين تقف  أنت ف الكتابة ، تستمع لآراء ونقد لآخرين لم يصبحوا أصدقاء بعد وليسوا أصحاب مصالح أو مواءمات ، عرفت أين موقع قوتى وضعفى فى الكتابة ، لأصحح مسار كل نص

* وأنتِ اليوم مشرفة ومديرة ومحررة، كيف ترين دور نوادي الأدب في رعاية المواهب؟

**بالطبع نوادى الأدب لها دور هام وكبير فى رعاية المواهب ، فمن خلال عملى كمشرفة بنادى أدب الطفل أهل لى التواجد فى الأمان النائية والمحرومة من الخدمات الثقافية ، واكتشفنا هناك مواهب رائعة ومتعددة ، حاولنا أن نكون جسر بينهم وبين المؤسسة الثقافية عن طريق ذهابنا لهم مرة ودعوتهم هم شخصيًا فى مرات أخرى ، ودعمهم بالكتب والاستماع والنصح والإرشاد لتحسين موهبتهم وتطويرها وعمل ورش كتابة تفاعلية لهم ، وفى جدول عمل لمناقشة قصصهم وقصص لكتاب آخرين متحققين ودعوتهم لحضور مسرحيات الأطفال وتشجيعهم على إبداء آرائهم فيها من حيث الصوت والقصة والديكور ، فنساعدهم بتكوين وجهة نظر نقدية وتطوير طرق التلقى والتذوق

* ما أبرز السلبيات التي تعيق تطورها برأيكِ؟

**قلة الإمكانيات ، وإلغاء المسابقات الادبية السنوية والتى كانت تتيح للأطفال المجال لاختبار تنافسهم الابداعى ، أيضًا تقليص عدد صفحات المجلات الخاصة بهم والتى تصدر عن الهيئة ، كل ذلك ساعد على إحجام عدد غير قليل عن التواجد باستمرار

* شاركتِ في أمسيات ذات طابع إنساني كأمسية دعم غزة... ما حدود تأثير الأدب في القضايا العربية؟

**الأدب والفنون عمومًا من أهم وأجمل الطرق التى تؤثر فى التوعية بالقضايا العربية ، فمعظم الناس لا يفضلون الطرق التى تشوبها الخطابة ، ولكن الأدب يسهم فى التعريف بالقضية فى قلب يساعدها على التوصيل لعدد أكبر وبدفقة شعورية أكبر ويسهم فى زرع روح الهوية وتقويتها

* هل أضافت الصالونات الثقافية شيئًا حقيقيًا للمشهد أم تحوّلت لمناسبات اجتماعية؟

**بطبيعة تواجدى فى اقليم يبعد عن القاهرة لا أحضر الكثير من الصالونات الأدبية ، ولكن فى رأيى الخاص أن أى نافذة جديدة للإبداع تسهم وتثرى المشهد الثقافة ، فحتى المناسبات الاجتماعية نشهد أحيانًا مولدا لمواهب حقيقية تحتاج للدعم والاستماع إليهم

* ما الفرق بين الحضور الثقافي الحقيقي، والحضور الموسمي أو "الشكلي"؟

**الحضور الثقافى الحقيقى يكون بالكتابة الجادة والمخلصة والفارقة ، الحضور الموسمى أو الشكلى مهما طال وقته سينزوى ويبهت ، وكما قالوا : العملة الحقيقية تبقى وتدرأ العملة الزائفة

المحور الخامس: الجنوب كصوت وهوية

* كيف أثّر الصعيد في تكوينكِ ونصوصكِ؟

**أعتقد انه أعطى لنصوصى بعض الاختلاف والخصوصية ، الصعيد أيضًا أهل لغة سليمة تقترب كثيرًا من الفصحى ، أيضًا من طبيعتهم عدم حب تكرار الكلام ، وذلك علمنى التكثيف وقوة الحذف وعدم التساهل مع وجود مجانية فى نصوصى ، فعندما تكتمل الفكرة أصمت ولا تأخذنى شهوة الحديث المجانى ، كل ذلك أكتسبته كتابتى منهم

* باعتباركِ صوتًا نسائيًا من صعيد مصر، هل واجهتِ تحديات إضافية؟ أم منحتكِ النشأة خصوصية؟

**التحديات التى واجهتها كانت تخص تأخر مواعيد الندوات ، وعدم استطاعتى السفر كثيرًا لحضور أمسيات وندوات أرغب فى حضورها والاستفادة منها ، أما التحدى الإضافى فكان عن كيفية أثبات صوتى الخاص كأنثى بعيدًا عن التعرض لمضايقات ، ولكن نشأتى وخصوصية مجتمعى جعلتنى أنجح فى خلق حدود خاصة بى تنوء بى عن انتهاك تلك الخصوصة أو انتهاك حدودى عامة .

* هل يُتوقع من الكاتبة دائمًا أن تكتب عن المرأة؟

**يتوقع منها ذلك بالتأكيد ، ولكن الكاتبة عندما تكتب عن المرأة فقط تكون قد حجمت كتابتها ، الكاتبة تكتب عن الإنسان عموماً ،وقضايا الإنسان عمومًا ، سواء كان هذا الإنسان رجلا أم أنثى .

* في رأيك، ما الفرق بين الأدب النسوي والحكي الأنثوي؟

**الأدب النسوى ، ادب يناقش قضايا المرأة وهمومها وخصوصيتها ومشكلاتها مع نفسها والمحيطين بها ومجتمعها وما تتعرض له فى ذلك المجتمع - أما الحكى النسوى فهو الكتابة بشكل عام وشامل ولكن بطريقة نسوية ، الطريقة النسوية التى تهتم بالتفاصيل ولا تكتفى برسم وذكر الخطوط العريضة فحسب للحدث

المحور السادس: من النص إلى الروح

* في "توحد" و"مارلين" و"الصياد الخائب"، نرى الذات تتجلى في طيفٍ من المشاعر... هل تكتبين لتُفَضِّي صدركِ، أم لتُربكي القارئ؟

**لا هذا ولا ذاك ، أكتب لأعبر عن هموم الأنثى وما يربكها عمومًا ويكدر صفوها ، أكتب عن التعنصر والازدواجية التى تعامل بها ، أكتب لأنفس عن وضع يحرق الأنثى من النظرة المتدنية لها على أنها مجرد جسد ووعاء للشهوة ، أكتب لأمنح الأنثى بعض القوة التى تليق بها .

* في "مواطنة" هناك نَفَس غاضب... ما حدودكِ ككاتبة حين تكتبين عن الوطن؟

**أكتب عن الوطن من حدود مواطنة غيورة ، تريد أن تراه بالصورة التى تحلم بها ، أريد وطنا يحتوى البسطاء كما يحتوى الأغنياء ، أريد وطنا يرانا سواسية فى الحقوق ، أريد وطنا يمنحنى الأمان والمحبة ، نفس المحبة التى يمتلئ قلبى بها له .

* في زمن تتآكل فيه المعايير، ما الدور الأخلاقي للمثقف؟

**الدور الأخلاقى للمثقف أن يحتفظ بقيمه ، أن يكون داعما وحجر أساس لوطنه وأهله ، ألا يبيع نفسه وقضاياه ، بل يبقى على أخلاقياته وقيمه حيه نقية ينوء بها عن أى تشويه

* يُقال إن الكتابة لا تأتي إلا من وجع... هل تؤمنين بأن الألم هو الوقود؟ وما النص الذي كتبكِ أكثر مما كتبته؟ وما الذي أنقذكِ حين كادت الكلمات أن تكون عبئًا لا عزاء؟

**حقيقى الكتابة أبنه الوجع ، نص " مواسم للحزن " من ديوانى الأخير الافتراضيون السعداء ، فذلك النص جاء عقب تعرضى لإجهاض فقدت فيه توءم من الأجنة فى الشهر السابع ، تعرضت لنزف كدت أفقد حياتى فيه ، أنقذتنى الكتابة أيضًا ، أنقذنى سرد التجربة ، للتخلص من الألم والذكرى والفقد .

* كيف تعرفين أن النص اكتمل؟ ومتى تترددين في نشره؟

**أعرف أن النص اكتمل عندما اعيد قراءته بعد فترة ، فانا لا انحاز لنصى منذ كتابته الأولى ، اقرأه مجنبه الشعور لدى بأنه يخصنى أحاول قراءته بعين أخرى عين قارئ وليس عين الكاتبة التى كتبته ، أتردد فى نشره حين أشعر أننى كررت نفسى فيه وحين أشعر أنه يحوى بعض من المجانية ، لا انشره إلا بعد التخلص من مجانيته ومن انحيازى له

المحور السابع: أسئلة سريعة

* كلمة تقولينها للناقدة بداخلك؟

**أقول للناقدة داخلى انقدى كتابتك أكثر من ذلك ، امتلكى ادواتك وطورى نفسك أكثر من ذلك ، ما زلتِ فى البداية ومازال لديكِ الكثير لتتعلميه

* جائزة تنتظرينها أو تحلمين بها؟

**أحلم أن تفوز أولى مسرحياتى بجائزة ، وأحلم أن يقرأ أطفال اكثر لى وأن يجدوا أنفسهم فيما اكتبه لهم ، أحلم بجائزة فى مجال الكتابة للطفل لأنهم أكثر من أعشقهم فى الحياة .

* كاتب أو كاتبة أثروا فيكِ وألهموكِ؟

**الشاعر القدير والصديق عبد الستار سليم بما يملكه من محبة للجميع وتواضع وحب لبيئته وإخلاص لقيمه ، كما أحب الروائى عبد الحميد جودة السحار ومحمد عبد الحليم عبدالله ، أحب تناولهم لقضايا بيئتهم وكتابتهم الفارقة التى لا تشبه أحد ، وسمو قلمهم وما يتناولونه من قضايا جديرة للطرح فى قصصهم .

* ما الذي لا تسمحين به في النص؟

**ما لا اسمح به فى النص هو المجانية ، او الخروج على الذات الإلهيه ، فتلك تابوهات لا اسمح بها لنصى

* كلمة لفتاة تحب الكتابة لكنها تخاف من السخرية؟

**سخرية من من ، كلنا رهن التعلم ، ومن يسخر من أحد لا يصلح إنسان من الأساس فما بالك أن يكون كاتب ، الخوف يبقى الحواجز حواجز قائمة طوال الوقت ، لا حل سوى التجربة والعبور ، ولا تعلم للسباحة سوى بخوض البحر .

* ما اللحظة التي شعرتِ فيها أن تعبكِ لم يذهب هباءً؟

**لحظة ان ذهبت لأمسية وقامت احد الحضور لتلقى لى نصا حفظته عن ظهر قلب وأبدت اعجابها به ، قارئة لم أعرفها وليست من محافظتى تحفظ نصوصى التى لا أحفظها أنا ، كنت فى قمة سعادتى واعتبرت تلك اللحظة هى أروع جائزة حصلت عليها

* دعاء عبد المنعم... كيف تحبين أن يتذكركِ القارئ؟

**أحب أن يتذكرنى القارئ بأن يرى فى كاتبة حاولت أن تعبر بصدق ، كاتبة لم تتنازل عن قيمها وما تؤمن به من قضايا ، كاتبة حاولت أن تكتب باختلاف ، حتى لو لم تستطيع فقد حاولت صنع ذلك بصدق .

* وأخيرًا، لو قُدِّر لكِ أن تُلقي كلمة على منصة عالمية أمام جمهور لا يفهم العربية، ما الجملة التي ترغبين أن تُترجم عنكِ؟

**رأسى مرتفع وجبهتى شامخة  بأمى وأبى ووطنى ،أمى وأبى هما من علمانى قيمة الوطن قبل أن يعلمنى ذلك مدرس التاريخ والجغرافيا . الوطن هو بيتنا الكبير لا حرمنا الله منه أبدًا .

تأملات حرة...

* في الختام، لو تركنا لكِ المساحة لتكتبي سطرًا بلا سؤال...

ما الذي كنتِ لتقولينه؟ وما الفكرة التي تمنّيتِ أن نُثيرها ولم نفعل؟

**تنقص فرحتى بالأعياد كلما شعرت أن هناك أطفال وعجائز تنتهك حريتهم وآدميتهم فى فلسطين ، اتمنى أن يأتى اليوم الذى نتشارك كلنا فرحة الأعياد ، يوم بلا دماء ولا دموع ولا رحيل .

بالعكس ، اثرتم أفكار كثيرة جدًا لم أظن انكم ستثيرونها ، ولكننى سعيدة بحديثى عنها معكم وتذكرها معكم .

تلغراف

* إذا طُلِب منكِ إرسال "تلغراف" إلى شخص ترك أثرًا طيبًا في رحلتكِ الشعرية أو الإنسانية... فلمن ستُوجهينه؟ وماذا ستقولين له؟

* تلغراف للصديق الكبير الراحل أ عبد المنعم عبد التواب ، الصديق الكبير فى كل شيئ كنا شبابا على بداية الطريق ، اخذ بيدنا وعلمنا وكان معى أنا وكثيرين من الأدباء مثال الأب والمعلم والصديق ، لدرجة انه كان يفضل أن يضحى بالنشر لنفسه فى سبيل أن يمنحنا نحن تلك الفرصة ، يشترى كتبنا قبل أن نراها قبل أن يبتاع منها أحد ، كان يشترى النسخة الأولى ويأتى بها فى الصباح الباكر ليرينى أول نسخة من كتبى ويرى فرحتنا برؤية كلماتنا مطبوعة فى كتاب يبتاعه الناس _ أقول له حتى بعد رحيلك علمتنى يا صديقى كيف يكون الإنسان إنسانا بالإيثار  والفرحة للغير ، وكيف نهب المحبة فترد لنا اضعاف مضعفة .

وفى الختام حابه اشكرك جدا أستاذة همت على وجودك الجميل والفرصة الرائعة للتحاور ، كمان على الأسئلة الحلوة اللى خلتنى افتح مساحات متعددة للحوار والكلام

الخاتمة:

بين السؤال والجواب، كانت "دعاء" تكتبنا كما نكتبها...

تكشف عن وجهٍ آخر للكلمة، لا يُرى في العناوين ولا يُختصر في الجوائز.

في حوارٍ أشبه بمناجاة، وجدنا ذاتنا نتماهى مع خوفها ودهشتها، مع صلابتها الأنثوية التي لا تنفي هشاشتها الإنسانية.

دعاء عبد المنعم ليست فقط من تُمسك بالقلم...

هي من تُمسك بالنبض وتعيد تشكيله على مهل.

أُجري هذا الحوار ضمن سلسلة "حوار مع مبدع إنسان" التي تُعدّها وتُقدّمها الكاتبة والشاعرة همت مصطفى، والتي تسعى من خلالها إلى تسليط الضوء على الوجوه الإنسانية للمبدعين الذين يحملون الجمال في أقلامهم وقلوبهم، بعيدًا عن ضجيج الأضواء وقوالب الإعلام التقليدية.

مساحة إعلانية