مساحة إعلانية
كتبت : وئام التركي
في إطار تعزيز الجهود الوطنية لمكافحة الأمراض السرطانية، نظّمت المندوبية الجهوية لديوان الأسرة والعمران البشري ببنزرت، بالتنسيق مع الإدارة الجهوية للصحة، يوم الثلاثاء 27 ماي 2025، ملتقى علمياً حول سرطان عنق الرحم، احتضنه نزل "الأندلسية" بمدينة بنزرت، بحضور ثلّة من المسؤولين والمختصين والخبراء في المجال الصحي.
وقد تميّز هذا الحدث العلمي بحضور والي الجهة، السيّد سالم بن يعقوب، والرئيس المدير العام لديوان الأسرة والعمران البشري، إضافة إلى عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب، وممثلي المجتمع المدني والجمعيات الناشطة في المجال الصحي، إلى جانب إطارات طبية وأكاديمية من مختلف الاختصاصات.
محاور علمية وتوصيات ميدانية
تناول الملتقى جملة من المحاور المتعلّقة بـأهمية الوقاية والتشخيص المبكر لسرطان عنق الرحم، وهو من بين السرطانات الأكثر شيوعاً لدى النساء في تونس والعالم. وقد تم التشديد على أن الوقاية، عبر التوعية الصحية والتلقيح ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، تُمثّل إحدى الركائز الأساسية في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة هذا المرض.
وفي مداخلته الافتتاحية، أكد والي بنزرت على أهمية الملتقى باعتباره يندرج في سياق تعزيز البرامج الوقائية في الولاية، خاصة بالمناطق ذات الأولوية. كما أشار إلى التزام السلطة الجهوية بدعم هذه المبادرات الهادفة إلى تعزيز صحة المرأة وتكريس الحق في النفاذ إلى الخدمات الصحية الوقائية.
التلقيح والكشف المبكر: رهان الصحة العمومية
أجمع المتدخلون في الملتقى على ضرورة توسيع نطاق حملات التلقيح والكشف المبكر، لاسيما في الوسط المدرسي وفي المراكز الصحية الأساسية، مع تعزيز التثقيف الصحي لدى الفتيات وأسرهن، لتجاوز الحواجز الاجتماعية والثقافية التي قد تحول دون الانخراط في هذه البرامج.
وقدّم عدد من الأطباء والأكاديميين مداخلات علمية غنية سلّطت الضوء على آخر المعطيات البحثية والميدانية في مجال مكافحة سرطان عنق الرحم، ومن بين المتدخلين:
د. محسن بوبكري: تحدّث عن النجاعة الوقائية للقاح ضد فيروس الورم الحليمي البشري وفعاليته في تقليص نسب الإصابة.
د. بشير الزواوي: قدّم مداخلة حول التشخيص المبكر وتحديات تطبيق الفحص الدوري في المناطق الريفية.
د. محرز يحياوي: استعرض مؤشرات انتشار المرض في تونس وأهمية دعم البحوث السريرية.
د. سمر صمود: ناقشت البعد البيولوجي والفيروسي للورم الحليمي، ومقاربات جديدة في تطوير اللقاحات.
د. سلمى كمون: ركّزت على دور القابلات وأعوان الصحة في الإرشاد والتوعية داخل مراكز الصحة الأساسية.
د. منية عرضاوي: تناولت أثر التعاون بين المؤسسات الصحية والمجتمع المدني في دفع حملات التحسيس.
د. شدلية رمادي: ختمت الجلسة العلمية بمداخلة حول التحديات الاتصالية في مخاطبة الفتيات المراهقات بخصوص اللقاح.
نحو استراتيجية شاملة
خلص المشاركون إلى جملة من التوصيات، أبرزها:
إدماج فحص سرطان عنق الرحم ضمن الخدمات الوقائية الأساسية.
تطوير حملات التوعية عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية.
توفير اللقاح بشكل أوسع ومنتظم في المؤسسات التربوية والصحية.
تأهيل الكوادر الصحية وتعزيز التكوين المستمر في هذا المجال.
التزام متجدد من أجل صحة المرأة
يُذكر أن هذا الملتقى يندرج ضمن استراتيجية وطنية شاملة تعتمدها وزارة الصحة وديوان الأسرة والعمران البشري، وتستهدف الحدّ من نسب الإصابة والوفيات الناتجة عن الأمراض السرطانية، وفي مقدمتها سرطان عنق الرحم، الذي يمثّل أحد أكبر التحديات الصحية التي تواجهها النساء في تونس، خصوصاً في ظل نقص التوعية والتلقيح في بعض المناطق.
وقد لاقى الملتقى تجاوباً إيجابياً من الحضور، واعتُبر خطوة مهمة نحو مأسسة الوقاية كجزء لا يتجزأ من السياسات الصحية، في ظل الرهانات الراهنة على الصحة العمومية، والحرص على إرساء عدالة صحية حقيقية تشمل كل فئات المجتمع.