مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

د . أحمد أبو تليح يكتب..الطب البيطري تحت المجهر

2025-04-28 12:19:32 - 
د . أحمد أبو تليح يكتب..الطب البيطري  تحت المجهر
د.أحمد أبو تليح
منبر

في يوم السبت الأخير من أبريل من كل عام، يحتفل العالم سنويًا بمهنة الطب البيطري والطبيب البيطري، الذي يُعتبر الأداة الفاعلة لتلك المهنة الإنسانية.

فـالطبيب البيطري له دور فاعل في الحفاظ على الإنسان من جميع الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، والتي تصل إلى مئتي مرض؛ منها ما ينتقل بالتلامس المباشر مع الحيوان في المزارع أو الشوارع، أو من خلال الحيوانات والطيور الأليفة التي يقوم بعض الفئات من الناس بتربيتها لتعويض ما فقدوه من أمان في التعامل مع البشر، أو كنوعٍ من الرحمة والرفق بالحيوان.

كما يتضح دور الطبيب البيطري في توفير جميع المنتجات الحيوانية الخالية من الأمراض أو مسبباتها، مثل منتجات الألبان واللحوم والأسماك والطيور، في مختلف مراحلها: الطازجة، أو المبردة، أو المجمدة، أو حتى المعلبة.

كل ذلك يقع تحت إشراف الطبيب البيطري في المزارع والمصانع والمجازر، ومنافذ الاستيراد والتصدير، المتمثلة في الحجر البيطري والمراقبة على الأغذية.

ومن جميع ما سبق، يتضح لكل ذي بصر وبصيرة أن مهنة الطب البيطري دورها، في المقام الأول، الحفاظ على صحة الإنسان من خلال صحة الحيوان ومنتجاته التي تُغذي الإنسان، وليس كما يشاع أن الطبيب البيطري يعالج الحيوان من أجل الحيوان فقط. وإن كان ذلك يندرج تحت باب الإنسانية والرحمة، إذ يُذكر أن رجلًا دخل الجنة بسبب شربة ماء قدّمها لكلبٍ ضال في الصحراء، ودخلت امرأة النار بسبب قطة ربطتها ومنعتها عن الطعام والشراب؛ فلا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، ولا قدّمت لها ما يسد رمقها ويهبها الحياة.

وهبّت المنظمات والهيئات والوزارات في جميع أنحاء العالم لتكريم الطبيب البيطري في يومه العالمي، لما يقوم به من دورٍ إنساني في حماية المجتمع من انتشار الأمراض والأوبئة.

سمعت لأول مرة عن اليوم العالمي للطبيب البيطري في المملكة العربية السعودية منذ خمس سنوات تقريبًا، وفي كل عام تقوم الوزارة بتكريم الأطباء الفاعلين في ذلك المجال.

وعندما انتقلتُ للعمل في سلطنة عُمان، وجدتُ نفس النشاط يُقام سنويًا، وتمت دعوتي بصفتي طبيبًا بيطريًا عاملًا في سلطنة عمان منذ عامين، ووجدتُ الاحتفالية عامرةً بالأطباء من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، ولفيفٍ من الوزارة وبعض أساتذة الجامعة.

تناول المؤتمر دور الطبيب البيطري في الارتقاء بمهنة الطب البيطري ورفع المستوى الاقتصادي عن طريق الاهتمام بالعلاج، وتقديم كل ما يمكن تقديمه للحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها، وتم تكريم 49 طبيبًا بيطريًا من المتميزين.

ولكن، وآهٍ من "لكن"... تشتعل الحروب من جميع الجهات لهدم مهنة الطب البيطري، بدءًا من وقف التعيينات بذريعة عدم توفر بند مالي، مرورًا بنزع صلاحيات الطبيب البيطري وتوزيعها على تخصصات أخرى مثل الزراعة والصيدلة.

ولم تقف الحملة الهجومية عند هذا الحد، بل تطاول نشطاء جمعيات حقوق الحيوان على مهنة الطب البيطري، حتى الجامعات والمؤسسات لم تسلم من هجوم حفنةٍ منتفعة من تمويلٍ خارجي، يهدف إلى هدم الدولة من الداخل عن طريق تناحر طبقات الشعب المختلفة. فكم من فيديوهات متداولة تُحرض ضد خريجي الطب البيطري! وكم من قضايا لُفقت زورًا وبهتانًا للأطباء البيطريين، بدون علم أو دراية! وآخر تلك القضايا المتداولة ضد طبيب بيطري، قام بإعدام كلب مشتبه بإصابته بمرض السعار؛ وهو الإجراء الاحترازي الذي يتم اتخاذه للحفاظ على المجتمع من انتشار هذا المرض اللعين القاتل، الذي لا علاج له حتى الآن، باستثناء المصل أو اللقاح المخصص له.

فهل من المعقول ترك كلب يقوم بعضِّ البشر ونشر العدوى بينهم، أم إعدامه مهما كان نوعه، سواء كان "هاسكي" أو غيره؟

فصحة الإنسان لها الأولوية الأولى في مهنة الطب البيطري، ولو وضعنا مصلحة الحيوان ومصلحة الإنسان على كفتي ميزان، لرجحت كفة الإنسان. ولكننا  أسسنا جمعيات حقوق الحيوان ونسينا انه من حق  الإنسان أن يعيش في بيئة نظيفة خالية من الأمراض!

فإلى كل ذي لُب، وكل مسؤول:

تداركوا الموقف قبل أن تنهار المنظومة عالميًا كما انهارت من قبل بسبب كوفيد-19؛ نتيجة نقل المرض الحيواني إلى الإنسان.

اللهم قد بلغتُ، اللهم فاشهد.

وإلى كل طبيب بيطري حول العالم: كل عام وأنت بخير بمناسبة اليوم العالمي للطبيب البيطري.

مساحة إعلانية