مساحة إعلانية
في عالم لا يفارق فيه الهاتف أيدينا، ظهرت ظاهرة جديدة تثير القلق بين الأطباء النفسيين وعلماء الاجتماع، إنها "النوموفوبيا" أو ما يعرف بـ "رهاب فقدان الهاتف المحمول". قد يبدو الأمر مبالغًا فيه، لكن حين ننظر إلى تصرفات البعض عند نفاد البطارية أو ضعف الشبكة أو نسيان الهاتف في المنزل، سندرك أننا ربما نكون في دائرة الخطر دون أن نشعر.
ما هي النوموفوبيا؟
النوموفوبيا مصطلح جديد نسبيًا، يُطلق على الاضطراب النفسي الناتج عن الخوف الشديد من الانفصال عن الهاتف المحمول. يشعر المصاب به بالقلق والتوتر وربما نوبات هلع عند فقدان الهاتف أو عدم القدرة على استخدامه بسبب عدم وجود شبكة أو شحن. ويصاحب هذا الاضطراب أعراضًا مثل التعلق الزائد بالجهاز، والانشغال المفرط باستخدامه حتى في أوقات النوم أو الدراسة أو أثناء تناول الطعام، وقد يصل الأمر إلى العزلة الاجتماعية والانفصال عن الواقع.
نموٌ مرعب في أعداد المستخدمين
تشير الدراسات إلى أن عدد مستخدمي الهواتف المحمولة ارتفع بشكل جنوني خلال العقود الأخيرة. ففي عام 1990 كان عددهم 12.4 مليون مستخدم فقط، بينما وصل في عام 2020 إلى أكثر من 5.2 مليار مستخدم حول العالم. وفي مصر، بلغ عدد مستخدمي الهاتف المحمول 93.6 مليون شخص بنسبة استخدام تجاوزت 95%. هذا التغلغل التكنولوجي في حياتنا اليومية زاد من فرص الإصابة بالنوموفوبيا، خاصة بين فئة المراهقين والشباب.
علاقة النوموفوبيا بالتعلق غير الآمن
هنا يظهر دور مهم لنظرية "التعلق الآمن" في تفسير هذا السلوك. فالأشخاص الذين لم يطوروا نمطًا صحيًا وآمنًا من التعلق في الطفولة، قد يبحثون عن مصادر بديلة للشعور بالأمان والانتماء. ويُعد الهاتف الذكي أحد هذه البدائل، إذ يوفر لهم تواصلًا دائمًا، ورسائل فورية، وتأكيدًا مستمرًا لوجودهم في حياة الآخرين. ومع مرور الوقت، يصبح الهاتف بمثابة "الرفيق الآمن"، مما يرسخ نوعًا من التعلق المرضي به، وهو ما يُفسر تفاقم القلق عند فقدانه.
حلول مقترحة
للحد من هذه الظاهرة، يوصي الخبراء بعدة خطوات بسيطة لكنها فعالة، منها:
تحديد أوقات لا يُستخدم فيها الهاتف مثل وقت النوم أو أثناء الوجبات.
تخصيص وقت يومي "خالي من التكنولوجيا" لممارسة أنشطة واقعية كالمشي أو القراءة أو الحديث مع الأسرة.
تربية الأطفال والمراهقين على التعلق الآمن منذ الصغر لبناء شخصيات مستقرة لا تعتمد على الأجهزة للشعور بالطمأنينة.
تعزيز الثقة بالنفس من خلال الأنشطة الجماعية وتنمية الهوايات.
في الختام
الهاتف أداة قوية في يد الإنسان، لكنها قد تتحول إلى قيد إذا لم نحسن استخدامها. النوموفوبيا جرس إنذار يدعونا للتوقف والتفكير: هل نحن من نستخدم الهاتف، أم أنه هو من يتحكم فينا؟