مساحة إعلانية
امتلك مكتبة الكترونية ضخمة تضم عدد كبير من المجلات والصحف القديمة والنادرة، بجانب الكتب والموسوعات ، وفي «دكان الكلام» سنغوص ونبحر وننتقي بين الحين والحين من هذه المطبوعات ما نراه مناسبا لزماننا أو لنسترجع معا ذكريات الزمن الغابر.
في العدد الأول من السنة الثالثة من مجلة «آخر ساعة « الصادر في الخامس عشر من يوليه 1924م ، كتب الأستاذ أحمد الصاوي محمد تحت عنوان « وخز الإبر في الأدب والاجتماع « متطرقا لخناقات زمان بين الأدباء والكتاب بأسلوب ساخر فيذكر في بداية المقال إنه « من الظواهر الغريبة في مصر أنه لابد من أزمة باستمرار سياسية أو أدبية، فإذا قطعت السياسة لسانها وجلست عليه ، هبَّ الأدب يحاول أن يقل أدبه».
ثم يذكرنا بخناقة شهيرة للدكتور زكي مبارك بعد صدور كتابه « النثر الفني « ، فيقو أستاذنا الصاوي : « ونحن الآن منذ أشهر في عراك مستمر ، الدكتور زكي مبارك صاحب مبدأ «شكل للبيع « وقبضاي «البلاغ» أخرج «النثر الفني « وهو كتاب ضخم يباع بأربعين قرشا وليس بموضوعه ولا بثمنه ما يجعل الناس يقفون علي باب المكتبة التجارية أو مخازنها ، أويحمل رجال البوليس علي التدخل لتفريق الزحام والمظاهرات . ولكن صديقنا زكي مبارك لابد أن يناصر الدنيا العداء من أجل كتابه فيستعدي الناس بالزور ويتصيد الخناق لعلمه بأن كل خناقة وراءها ضجة،وكل ضجة لابد أن يباع بعدها ولونسخة واحدة من الكتاب «.
ويواصل الأستاذ الصاوي عرض أمثال مثل هذه الخناقات التي كانت تشغل الوسط الثقافي وادبي فيذكرنا بما فعله مصطفي صادق الرافعي بعدما أعلن الدكتور طه حسين تأييده بتنصيب العقاد إمارة الشعر .
ومن يقرأ ويتابع هذه المعارك الذي عرضنا أستاذنا ، لابد أن يجول بخاطره ما يحدث من معارك شبه يومية علي مواقع التواصل الاجتماعي ، فماذا لو كان هؤلاء الكتاب في عصرنا هذا ، هل كانت ستفرز لنا هذه المعارك رغم قسوتها ولو قليل من الفكر والرأي ، أم كانت ستضيع وسط صخب الميديا وما يحدث فيها أثر كله خناقة من مجاملات في التعليقات تبدد القضية وروح الفكرة ،ومعظم من يعلق يجامل دون حتي أن يقرأ .
ومعارك عن معارك تفرق وخناقات زمان كانت بروح وطعم زمان .