مساحة إعلانية
بقلم الناقد السوداني عزالدين مرغني
قـرأت بلـذّة النص ومتعته، رواية الكاتبة الروائية الجزائرية عائشة بنّور وهي مخطوطة في مرحلة ما قبل النشر. ومنـذ عتبتهـا الأولى والتي تتمثل في العنـوان (الـزنجيّـة)، حيث رحابة المعنى ودلالته ورمزيته العميقة. فالعنوان يخاطب ويخصص ويفتح طاقة الجمال الرحبة لكل من تنتمي لهذا اللون. ومن العتبة الأولى للنص يبدأ تحفيز العنوان والذي يفتح شهية المتلقي لقراءة النص الروائي. ثم يبدأ النص الروائي استهلاله والذي يشكل العتبة الثانية للنص، وهذا الاستهلال يكشف ذكـاء الكتابة واحترافيتهـا عند الروائية عائشة بنور فهي بداية محفزة للتوغـل في داخل النص الروائي بحيث تكتشف أيضاً البصمة الأسلوبية الخاصة والمميزة للكاتبة عن غيرها. فالمستهل الوصفي للمكان ولبطلة الرواية (بلانكا)، ينقلك نقلة مكانية وجغرافية مثيـرة وتصبح المحفز الثالث للرواية. ومعها تحسّ بأنك سائح ومتلقي معرفة جديدة في مكان جديد، تدخل في فجواته الاجتماعية الواقعية ويدخل بك النص، ومن خلال هذه الفجوات للمسكوت عنه ليس في الفضاء المكاني للرواية وإنّما يمثل هذا المكان كل فضاءات المجتمعات الإفريقيـة والتي لا يزال ختـان الأنثى هو إحدى سمات التخلف المزمنة فيها. ومن هنا يصبح المضمون والذي تناولته الكاتبة بمعرفة يصبح محفـزا قوياً في هذا النص الروائي. فتناوله بهذا العمق يؤكد مقولة مدرسة النقد النسوي gender criticism بأن خير من تكتب المرأة روحها وجسدها هي الكاتبة المرأة . لذا كانت الكاتبة عائشة في قمّة تفوقها ومعرفتها بمعمارية الفن الروائي وهي تجعل بطلتها في الرواية تعبر عن نفسها بضمير الأنا المتكلم ( Le Moi) وهو من الضمائر الصعبة في متابعة الأحداث، ولكنه أيضاً يتيح للبطلة أن تتداعي بعفوية صادقة وحرية كاشفة للآلام والمعاناة الداخلية. والتي يتابعها المتلقي بتحفيز الواقع الذي يحدث حتى في المجتمع من حوله، والرواية لا تتضمن ثيمة واحدة ، وإنّما استثمرت الروائية عائشة نصها ليتناول حتى مشاكل الهجرة السرّية وجحيمها منذ بداية التفكير فيها وطريقة الوصول ومعاناة ما بعد الوصول. فأصبحت الرواية مزدوجة لكي تصبح رواية أشخاص وأحداث، وهذا ما جعل لغتها السردية ثرية ومتنوعة، وبصمتها الأسلوبية مميزة. واستخدمت بجـدارة لغة سردية فيها الفعل المضارع يحرك الجملة لتواكب سرعة الحدث ثم الحالة النفسية للشخصية في لغة فيها شعرية رائعـة ومحببـة والتي تجعل اللغة أيضاً من محفزات متابعة المتلقي لهذه الرواية والتي ستكون إضـافة جديــدة للروايــة العربيــة والإفريقيــة. والرواية صدرت طبعتها الأولى عن الدار المصرية المغربية للنشر والتوزيع بالقاهرة والتي يديرها الكاتب الصحفي سيد يونس