مساحة إعلانية
كلما دوّى السؤال: "لماذا لا تدخل مصر الحرب؟" أو "أين موقفها من القضية الفلسطينية؟"، تدرك أن فخاخًا فكرية قد نُصبت منذ عقود في الوعي العربي، تُحاول جرّ مصر إلى معارك لا تخصّها، وإلى شعارات تُستخدم كأدوات ابتزاز سياسي. الدولة لا تُحاسب على فشل الآخرين مصر، كدولة ذات سيادة وتاريخ، ليست مسؤولة عن فشل حكومات أو تراخي شعوب. لا تدخل حربًا لإرضاء أحد، ولا تتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات. القرار المصري يصنع في القاهرة، لا في منابر الغوغاء. من رمسيس إلى محمد علي… المعارك تُخاض بالعقل منذ آلاف السنين، تحرّكت مصر لحماية أمنها القومي في الشام والجزيرة العربية، لا بدافع عاطفي ولا استجابة لضغوط شعبوية، بل بقرار واعٍ تفرضه حسابات الدولة. واليوم، كما الأمس، لا تتحرك مصر إلا إذا اقترب الخطر من حدودها، وحينها يكون الرد ساحقًا. القومية المصرية… وعي لا عزلة القومية المصرية لا تعني الانغلاق، بل التحرر من الوصاية والابتزاز باسم العروبة أو الدين. مصر تتحرك حين تمسّ مصالحها، لا انطلاقًا من شعارات صيغت في الأصل لخدمة أجندات استعمارية، كما فعلت المخابرات البريطانية حين روّجت لفكرة "القومية العربية" لتفكيك الشرق. جيش لا يعبث… ودولة تملك قرارها العرض العسكري الأخير لفرقة من الجيش الثالث أكد الجاهزية التامة. لكن مصر تدير المشهد بحنكة: فتحت معبر رفح، كسرت الحصار، أدخلت المساعدات، دافعت عن غزة دوليًا، وتصدّت للضغوط الغربية، كل ذلك دون أن تتورط في مغامرات لا تملك قرارها. المعركة الحقيقية… في الوعي لا عيب أن نرفض الحرب، لكن العار أن نُستدرج إليها تحت ضغط الشعارات. مصر لن تسمح بتهجير فلسطيني واحد إلى سيناء، ولن تصمت إن مُسّ أمنها القومي، لكن قرار المواجهة سيُتخذ من داخل مؤسساتها، لا من خارج حدودها. الرسالة واضحة مصر حذّرت… وتحذّر. الجيش جاهز… والشعب واعٍ. الخطوط الحمراء مرسومة… والرد سيكون في الوقت المناسب. وفي زمن الغموض، تبقى أدواتنا الأهم: الوعي – الحكمة – الجاهزية.