مساحة إعلانية
في يومٍ من الأيَّام، كان هناك رجُلٌ غنيٌّ. كان ذلك الرَّجُل مُتكبِّرًا وظالمًا، وحوله كثير من الأصدقاء المزيَّفين، كانوا يريدون استغلاله. وذات يوم، خَسِرَ كُلَّ أموالِهِ، فذهب إلى صديقه المُقرَّب، وقال لهُ: إنَّني قد خسرتُ كُلَّ أموالي، ولا يوجد مكان أذهبُ إليه سوى منزل أبي القديم. لكنِّي لن أذهبَ إليه، فهو لا يليق بالمستوى الذي كنت أعيش فيه. فقال لهُ صديقُهُ المُزيَّف: كُنتُ أعرفُكَ لأجلِ مالِكَ، والآن أنت من دون مال؛ فلا أحتاجُ إليكَ. صُدِمَ الرجُل وقال: لكنِّي كُنتُ أعتبرُكَ صديقي المُقرَّب. فقال لهُ: أنت ليس لكَ أصدقاء؛ لأنَّكَ كُنتَ تعامل الجميع بسوء، ولو أنَّكَ عاملتهم بتواضع واحترام، لوجدتهُم في مِحنَتِكَ، ولكنَّكَ فضَّلتَ نفسَكَ على الجميع. فاضطرَّ الرَّجُلُ إلى الذهاب إلى منزلِ والدِهِ القديم، وأخذ يُفكِّر في حالِهِ وقال: ليتني عاملتُ الناسَ بحُبٍّ وتقدير، وليتني لم أتعرَّف على هؤلاء المستغلِّين، وكنتُ وجدتُ أصدقاء حقيقيين؛ فشعر بالندم، وضرب قدمَيه بقوَّة في الأرض، فاكتشفَ مخبأً سريًّا، وجد فيه خريطة كنز، قد تركها والده. فقرَّر الرَّجُل أن يبحث عن الكنز الذي تركهُ والده، ثم انتقل إلى رحلة البحث عن الكنز، وكانت الخريطة تقول في البداية؛ يجب عليه أن يمُرَّ من الغابة المُظلمة. وهو في طريقه، وجد امرأة تحمل حقيبة ثقيلة، فقال لها: إلى أين تذهبين؟ قالت المرأة: إلى المنزل، في الجهة الشمالية من الغابة. تردَّدَ الرَّجُلُ قليلًا؛ لأن الخريطة تقول يجب عليه أن يذهب من الجهة الجنوبية من الغابة. لكنَّهُ قرَّر مساعدتها، وحمل الحقيبة إلى الجهة الشمالية من الغابة، وأوصَلَ السيدة العجوز إلى منزلها. فشكرتهُ السيدة على مساعدته لها، فقال لها: على الرحب! وبعدها، انتقل إلى الجهة الجنوبية من الغابة حتى عبرها، وبعدها وصل إلى الصحراء، وكان يشعر بالجوع والعطش. وخلال سيره، وجد طفلَين يرعيا الغنم؛ فساعدهما، ورفع الحجر من على البئر؛ واستطاع الطفلان أن يسقيا الغنم، وقالا له: أنت رجُلٌ قويٌّ جدًّا، وأيضًا، شكرًا على المساعدة! فقال لهما: اعذراني، هل لديكُما أيُّ طعام؛ لأنِّي أشعُر بالجوع؟ فطلبا منه أن يذهب معهما إلى والدهما لينظر في أمره، فذهب معهما إليه؛ فوجدهُ رجُلًا مريضًا لا يقدر على العمل. فقال له الأب: مَن أنت؟ ردَّ الطفلان: يا أبي، إنَّ هذا الرَّجُل ساعدنا في رفع الحجر من على البئر، فلولاهُ، لمات الغنم من العطش. فقال والدهما: جزاكَ اللهُ خيرًا! أخبرني، هل لديك عمل؟ فردَّ الرَّجُلُ: لا. فقال له والد الطفلَين: ما رأيك في أن ترعى الغنم مع الطفلَين، وتأخُذ أجرًا؟ ويُمكنك أن تأكُل وتشرب معنا، وتنام معنا، وستكون واحدًا منَّا؛ لأنِّي يا بُنيَّ، لا أقدر على رعاية الغنم، وولدَاي لا يزالان صغيرَين على رعاية الغنم بمفردهما. وافقَ الرَّجُلُ على عرض والِد الطفلَينِ، وعاش معهم في سعادة، وأدركَ أنَّ الكنز الحقيقي ليس في المال والغِنَى، بل في البساطة والصِّدق وراحة البال.