مساحة إعلانية
محمود رمضان الطهطاوي
مازلنا نواصل من تثوير السؤال، ووضعه علي مائدة الطرح من جديد وندلف به في عمق الواقع/ المواجهة، نفتح مسامات الحقيقة، بلا زخارف، بلا رتوش، فالخديعة لا تجدي، والكلمات البراقة بلا أسانيد ستسقط وتتهالك، وتقع في جب عميق، وتقف الحقيقة عارية، سامقة، فقد سقطت كل الأقنعة أمام ثورة المعلومات والتكنولوجيا، والسباق المحموم بفعل امتزاج التكنولوجي بالأنثربولجي، وكاد العالم أن يتحول إلي مجرد شارع صغير، مساكنه من زجاج، الكل يعرف عن الكل، بلا زيف، بلا مواراة، ما عادت تنفع الشعارات البراقة التي كانت تصنعها الثورات والحكومات لتساعدها علي أداء المهام والرسالة، الثورة الآن معرفية، والسباق المحموم للتقني/لوجي، والبقاء لمن يستطيع أن يحصد المعرفة، ويعرف خباياها، ويساير تطورها، ويكشف المزيد منها ويضيف، فلا يكفي معرفة استخدامها، لابد من معرفة خباياها، ملاحقة التطور اليومي، بل اللحظي .. المتراكم .
لماذا نقرأ؟ . نقرأ لنبني ذاتنا، وندخل معترك التنمية ونحن نملك وسائلها، ولا تنمية بدون معرفة، ولا معرفة بدون قراءة، لقد جاءت كل الرسالات السماوية تحض وتأمر بالقراءة، القراءة هي المدخل للثقافة، التي هي البداية/ المدخل. لنفتح مسامات اللغة، لغتنا العامرة المرنة، الطيعة، فنجد في اللغة: يقال(ثقف ) الرجل أي صار حاذقا خفيفا فهو (ثقف) .والثقافة مفهومها واسع .. فهي حياة المجتمع بسلوكه وعاداته وتقاليده ومعارفه وحضارته من عمارة ومرافق وهياكل صناعية وبني تحتية .. الخ . كل هذا ينمي ويتأتي بالمعرفة، والكتاب هو رأس المعرفة، ومهما غزت وسائل المعرفة وتعددت الوسائط والوسائل، سيبقي للكتاب مكانته، بل أن هذه الوسائط تساعد في انتشار الكلمة، ولا توجد وسيلة حتي الآن للمعرفة مهما تطورت أدواتها بدون الكلمة، بدءاً من الإذاعة والتلفاز والسينما والمسرح والفيديو والكمبيوتر وشبكة الإنترنت. كل هذا يوصل رسالته بالكلمة، والوسائل الأخري من موسيقي وفنون الرسم والنحت ورقص تعبيري ترقي بالأحاسيس والمشاعر وهي أحد روافد الثقافة. ومازال السؤال علي مائدة النقاش.