مساحة إعلانية
تحتفل جمهورية أذربيجان هذا العالم بمرور ثلاثون عامًا على اعتماد دستورها الوطني، بعد موافقة شعب أذربيجان عليه من خلال الاستفتاء الشعبي العام في 12 نوفمبر 1995، ومن ثم دخل حيز النفاذ في 27 نوفمبر 1995. حيث شكل هذا الدستور بداية عهد جديدة في مسيرة أذربيجان عبر تاريخها الحديث، وإنطلاقة قوية نحو البناء والتحديث في البلاد، بعد مرحلة صعبة وقاسية مرت بها البلاد عقب الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي عام 1991. ولذلك يعد هذا الدستور علامة حدًا فاصلًا بين مرحلتين مهمتين وفاصلتين في تاريخ أذربيجان.
يعتبر الدستور في أي دولة بمثابة ضمانة أساسية لمقومات الأمة والمجتمع، إذ أنه يعمل على حماية الأفراد، وترسيخ لغتهم وثقافتهم وقوميتهم. حيث يحكم الدستور بشكل أساسي العلاقة ما بين سلطات الحكم وبين أفراد الشعب، وكل دولة سيادية مستقلة تمتلك دستور خاص بها، تقوم بصياغته وفقًا لما يتلائم مع نظامها، ويتألف الدستور من عدة مواد كل مادة تختص بالحديث عن جانب معين وتقوم بتوضيحه. فالدستور هو القانون الأعلى الذي يقوم على تحديد القواعد الأساسية لشكل الدولة، ونظام حكمها، وشكل الحكومة، وتنظيم السلطات العامة. ويعرف القانون في المبادئ العامة للقانون الدستوري بأنه عبارة عن مجموعة من المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة، والتي تضمن حقوق الحكام والمحكومين في الدولة، دون أي تدخل من المعتقدات الفكرية أو الدينية.
شهد دستور أذربيجان ثلاثة تعديلات دستورية بعدا إقراره عام 1995، وذلك لمواكبة التغيرات والتطورات التي مرت بها أذربيجان. فقد تم إجراء التعديل الأول في 24 أغسطس 2002، أما التعديل الثاني فقد تم الاستفتاء عليه في 18 مارس 2009. ثم جاء التعديل الثالث عقب الاستفتاء الذي جرى على تلك التعديلات والإضافات في 26 سبتمبر 2016.
يواصل شعب أذربيجان تقاليده العريقة التي تعود إلى قرون من الزمن، مع مراعاة المبادئ الواردة في القانون الدستوري المتعلق باستقلال الدولة لجمهورية أذربيجان، والذي يكفل رفاهية المجتمع كله، ويضمن إقامة العدل والحرية والأمن للأجيال الحالية والمقبلة اعترافًا منها بمسؤوليتها، باستخدام الحق السيادي.
يهدف دستور أذربيجان إلى حماية استقلال الدولة الأذربيجانية وسيادتها وسلامتها الإقليمية؛ وضمان الهيكل الديمقراطي داخل الدستور؛ وتحقيق إقامة المجتمع المدني؛ وإنشاء دولة قانونية علمانية تضمن سيادة القوانين كتعبير عن إرادة الشعب؛ وضمان مستوى معيشي لائق للجميع، وفقا للقواعد الاقتصادية والاجتماعية العادلة؛ وأن تعيش في سلام وصداقة وسلام مع جميع شعوب العالم، وأن تتعاون معها من أجل القيم العالمية. ويعتمد هذا الدستور عن طريق الاستفتاء على السيادة الوطنية. ويتكون دستور أذربيجان من خمسة أقسام، كل قسم يحتوي على عدد من الفصول على النحو التالي:
القسم الأول: ويحمل هذا القسم عنوان "مصدر السلطة"، ويتكون من فصلين. حيث يقر بأن شعب أذربيجان هو المصدر الوحيد للسلطة في البلاد. كما يتناول كيفية تعديل وأقرار دستور البلاد، وهوية الدولة ونظام الحكم بها، وسلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية. ويتناول هذا القسم إنشاء القوات المسلحة ومهمتها في ضمان أمنها وحمايتها، وأن رئيس جمهورية أذربيجان هو القائد الأعلى للقوات المسلحة لجمهورية أذربيجان. وكذلك يتناول علاقات أذربيجان بالعالم الخارجي. وسيادة أذربيجان على أراضيها موحدة وغير قابلة للتجزئة.
يتكون القسم الثاني من فصلين. ويتناول الحقوق والحريات الأساسية الإنسانية والمدنية. والمبدأ الأساسي لحقوق الإنسان والحقوق المدنية والحريات: الحق في المساواة، حماية حقوق الإنسان والحقوق المدنية والحريات، الحق في الحياة، الحق في الحرية، حق الملكية، حق الزواج، وحقوق الأطفال.
القسم الثالث يتكون من أربعة فصول. ويتناول الهيئة التشريعية المتمثلة في "ملي مجلسي" وعدد أعضائه 125 نائبا. ونظام انتخابه بالاقتراع العام والمباشر. ومدة ولايته 5 سنوات. وشروط الترشح وحقوق وواجبات كل عضو.
القسم الرابع يتكون من فصل واحد. ويتناول البلديات المحلية الخاضعة للحكم الذاتي. وأسباب وضع البلديات، وقواعد الانتخابات البلدية. والأنشطة التي تقوم بها البلديات. والسلطات الممنوحة للبلديات.
القسم الخامس يتكون من ثلاثة فصول. ويتناول الإجراءات المتعلقة بتعديلات دستور جمهورية أذربيجان، والمحكمة العليا لجمهورية أذربيجان، واختصاصاتها، وطرق تعيين القضاة بها من قبل مجلس الأمة "البرلمان".
أرسى دستور أذربيجان الإطار القانوني للجمهورية. ومنذ انطلاقه عام 1995، أصبح رمزًا للفخر الوطني وأساسًا لدولة أذربيجان. حيث تعود مسيرة أذربيجان مع القانون الدستوري إلى الحقبة السوفيتية، التي شهدت أربعة دساتير مختلفة. فقد اعتمد مؤتمر السوفيت لعموم أذربيجان الدستور الأول في 19 مايو 1921. وخضعت هذه الوثيقة الأولية لتعديلات عام 1925، ثم أعقبها دستور جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفيتية، الذي صيغ في 21 أبريل 1978. ومع ذلك، ولأن هذا الدستور كان متوافقًا مع القوانين والبروتوكولات السوفيتية، فقد اتضح للحكومة الأذربيجانية ضرورة وضع دستور جديد بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. ففي عام ١٩٩٥، شُكِّلت لجنة دستورية بقيادة الرئيس حيدر علييف لصياغة دستور جديد يعكس قيم وتطلعات أذربيجان المستقلة. وفي ١٢ نوفمبر من ذلك العام، أُقرّ الدستور الجديد عبر استفتاء شعبي، مُشكِّلاً بذلك نقطة تحول في تاريخ البلاد. ويتألف الدستور الحالي من خمسة أقسام واثني عشر فصلاً تحتوي على 158 مادة، تُجسّد مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون في جمهورية أذربيجان.