مساحة إعلانية
وقعت عيني صدفة علي تدريبات مادة العروض والقافية التي درسناها من بداية السنة الثانية بالثانوية الأزهرية وكانت التدريبات على بحر (المجتث) على وزن (مستفع لن فاعلاتن) فكان أمام عيني أربعة أبيات كلماتهم مبعثرة لتجمعها أنت مرتبةً فتعطيك كلمات ومعانٍ صحيحة على نغمات تفعيلات بحر (المجتث) وكانت كلمات اﻷبيات المبعثرة في التدريب والتي نسختها كما هي مكتوبة شكلاً وصورةً هكذا
1 - عكاظ - أتيت - أسعي - الرئيس - سوق - بأمر
2 -الرؤس - قواف - منكسات - أزجي - إليه
3 - تزهي به - بذات - ليست - رواء -في الطروس
4- ولابذا - يسري - في النفوس - جمال - بها
نظرت اليها فقط فوجدتها بسرعة البرق قد ترتبت كلماتها علي لساني دون أدنى مجهود مني يذكر لتصبح هكذا
أتيت سوق عكاظ
أسعى بأمر الرئيسِ
أُزجي اليه قوافٍ
منكسات الرؤوسِ
بذات ليست رواء
تزهي به في الطروسِ
بها جمال يسري
ولابذا في النفوسِ
ربما تقول لي جمعتها ﻷنك تعرف معنى الأبيات فرتبتها صحيحة
ردي الصادق حينها هو قولي لك أن بعض الكلمات لم تمر علي من قبل فاللغة العربية أوسع من البحر المحيط ، فأنا لا أدري ما هي (الطروس) ولا (أُزجي) ولا معني (رواء) ولا مقصد (بذا) في الشطرة الأخيرة ولكن عندما وقعت عيني على الكلمات المبعثرة دار في أذني لا إراديا التخت الموسيقي بكل آلاته وأدواته فوجدتُ أذني تجبر لساني قهرياً علي ترتيبها لِتُكَـوِّنَ الكلمات أبياتاً صحيحة من بحر (المُجتَث) علي وزن (مستفع لن فاعلاتن) وهذا مما جعلني في سرورٍ وسعادة غامرة لا توصف إذ أن علم العروض قد أصبح في روحي ودمي وبين جلدي ولحمي وهو ما هو !!!
هو أصعب علم في علوم العربية على الإطلاق ولا يؤتى بالتعلم وحده ما لم تكن قد وهِبتَه في الأساس من لدن حكيم خبير
وأقول لمحبي تعلم هذا العلم إذا كنت تتعلمه بطريقة وتد مجموع ووتد مفروق وفاصلة كبري وصغري فقط فيؤسفني أن أقول لك إنك لن تتعلمه ولو ولج الجمل في سم الخياط بل لابد أن تتعلمه بتذوقك ورهافة أذنك وبفطنة جبارة حتي تُلهَمَهُ بعد تعلمك له كما تُلهَمُ النفس الي رئتيك بدون مجهود أوكلل أوملل
واعلم أن الفاصلة والوتد وغير ذلك من الأدوات هي على سبيل المثال كآلات صالة اﻷلعاب الرياضية التي تنشئ بها العضلات وبعد تكوينها تستغني عنها وترجع لها فقط لضبط لياقتك ، كذلك اﻷدوات في علم العروض تستغني عنها بعد تعلمك هذا العلم ويلزمك كل فترة طالت أم قصرت التدريب عليها مرة أخرى للرجوع الي لياقتك العروضية وليس لتعلمه فسائق السيارة لا ينسى القيادة إذا لبث فترةً لم يقد سيارات فيها لكنه يحتاج إلى عشر دقائق فقط على السيارة حتى يجد نفسه وكأنه لم ينقطع عن قيادة السيارة يوماً واحداً وأقسم لك أن العروض أسهل من ذلك